الجزم : وهو لغة تميم.
والفك : وهو لغة الحجاز.
لكن لا سبيل إلى الإدغام إلا في متحرك ، فاضطررنا إلى تحريك المثل الثاني ، فحرّكناه بأقرب الحركات إليه ، وهي الضمة التي على الحرف قبله ، فحرّكناه بها ، وأدغمنا ما قبله فيه ، فهو مجزوم تقديرا ، وهذه الحركة ـ في الحقيقة ـ حركة إتباع ، لا حركة إعراب ، بخلافها في الوجهين السابقين ، فإنها حركة إعراب.
واعلم أنه متى أدغم هذا النوع ، فإما أن تكون فاؤه مضمومة ، أو مفتوحة ، أو مكسورة ، فإن كانت مضمومة ـ كالآية الكريمة.
وقولهم : مدّ ـ ففيه ثلاثة أوجه حالة الإدغام :
الضم للإتباع ، والفتح للتخفيف ، والكسر على أصل التقاء الساكنين ، فتقول : مدّ ومدّ ومدّ.
وينشدون على ذلك قول الشاعر : [الوافر]
١٦٠٤ ـ فغضّ الطّرف إنّك من نمير |
|
فلا كعبا بلغت ولا كلابا (١) |
بضم الضاد ، وفتحها ، وكسرها ـ على ما تقرر ـ وسيأتي أن الآية قرىء فيها بالأوجه الثلاثة.
وإن كانت فاؤه مفتوحة ، نحو عضّ ، أو مكسورة ، نحو فرّ ، كان في اللام وجهان : الفتح ، والكسر ؛ إذ لا وجه للضمّ ، لكن لك في نحو فرّ أن تقول : الكسر من وجهين : إما الإتباع ، وإما التقاء الساكنين ، وكذلك لك في الفتح ـ نحو عضّ ـ وجهان ـ أيضا ـ : إما الإتباع ، وإمّا التخفيف.
هذا كله إذا لم يتصل بالفعل ضمير غائب ، فأما إذا اتصل به ضمير الغائب ـ نحو ردّه ـ ففيه تفصيل ولغات ليس هذا موضعها.
وقرأ عاصم ـ فيما رواه المفضّل ـ : بضم الضاد ، وتشديد الراء مفتوحة (٢) ـ على ما تقدم من التخفيف ـ وهي عندهم أوجه من ضم الراء.
وقرأ الضحاك بن مزاحم : «لا يضرّكم» ـ بضم الضاد ، وتشديد الراء المكسورة (٣) ـ على ما تقدم من التقاء الساكنين.
__________________
(١) ينظر ديوانه (٨٢١) وخزانة الأدب ١ / ٧٢ ، ٧٤٢ ، ٩ / ٥٤٢ ، والدرر ٦ / ٣٢٢ ، وجمهرة اللغة ص ١٠٩٦ ، وشرح المفصل ٩ / ١٢٨ ، وشرح الأشموني ٣ / ٨٩٧ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ص ٢٤٤ والكتاب ٣ / ٤٥٣٣ والمقتضب ١ / ١٨٥ ، والدر المصون ٢ / ٢ / ٢٠٠.
(٢) انظر : الشواذ ٢٢ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٩٩ ، والبحر المحيط ٣ / ٤٦ ، والدر المصون ٢ / ٢٠٠.
(٣) انظر : البحر المحيط ٣ / ٤٦ ، والدر المصون ٢ / ٢٠٠.