ويقال : دأب ، ودأب ـ بفتح الهمزة وسكونها ـ وهما لغتان في المصدر كالضأن والضأن وكالمعز والمعز وقرأ حفص (١) : (سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً) بالفتح.
قال الفرّاء : «والعرب تثقل ما كان ثانيه من حروف الحلق كالنّعل والنّعل ، والنّهر والنّهر ، والشّأم والشّأم.
وأنشد : [البسيط]
١٣٤٩ ـ قد سار شرقيّهم حتّى أتوا سبأ |
|
وانساح غربيّهم حتّى هوى الشّأما (٢) |
(وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يجوز أن يكون مجرورا نسقا على (آلِ فِرْعَوْنَ) ، وأن يكون مرفوعا على الابتداء ، والخبر قوله ـ بعد ذلك ـ «كذبوا بآيات الله» ، وهذان الاحتمالان جائزان مطلقا ، وخص أبو البقاء جواز الرفع بكون الكاف في محل رفع ، فقال : «فعلى هذا ـ أي : على كونها مرفوعة المحل ؛ خبرا لمبتدأ مضمر ـ يجوز في (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) وجهان :
أحدهما : الجر ، بالعطف أيضا ، و ـ «كذّبوا» في موضع الحال ، و «قد» معه مضمرة ، ويجوز أن يكون مستأنفا لا موضع له ، ذكر لشرح حالهم.
الوجه الآخر : أن يكون الكلام تمّ على (آلِ فِرْعَوْنَ) و (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) مبتدأ ، و «كذّبوا» خبره».
قوله : (كَذَّبُوا بِآياتِنا) قد تقدم أنه يجوز أن يكون خبرا عن «الّذين» إن قيل : إنه مبتدأ ، فإن لم يكن مبتدأ فقد تقدم أيضا أنه يكون تفسيرا للدأب ، كأنه قيل : ما فعلوا ، وما فعل بهم؟ فقيل : كذبوا بآياتنا ، فهو جواب سؤال مقدر ، وأن يكون حالا ، وفي قوله : (بِآياتِنا) التفات ؛ لأن قبله (مِنَ اللهِ) وهو اسم ظاهر.
والمراد بالآيات : المعجزات ، والباء في «بذنوبهم» يجوز أن تكون سببية ، أي : أخذهم بسبب ما اجترحوا ، وأن تكون للحال ، أي أخذهم متلبسين بالذنوب ، غير تائبين منها والذنب في الأصل ـ التّلو والتابع ، وسمّيت الجريمة ذنبا ؛ لأنها يتلو ، أي : يتبع عقابها فاعلمه والذّنوب : الدّلو ؛ لأنها تتلو الحبل في الجذب ، وأصل ذلك من ذنب الحيوان ؛ لأن يذنبه أي : يتلوه ، يقال : ذنبه يذنبه ذنبا ، أي : تبعه ، واستعمل في الأخذ ؛ لأن من بين يده العقاب كالمأخوذ المأسور الذي لا يقدر على التخلّص. قوله (شَدِيدُ الْعِقابِ) كقوله : (سَرِيعُ الْحِسابِ) [البقرة : ٢٠٢] ، أي : شديد عقابه وقد تقدم تحقيقه.
__________________
(١) ينظر السبعة ٣٤٩ ، وستأتي في يوسف آية ٤٧.
(٢) ينظر الدر المصون ٢ / ٢٣.