الأول : أن الفتحة فتحة إتباع الميم ل «اللام» قبلها.
الثاني : أنه على إرادة النون الخفيفة ، والأصل : ولما يعلمن ، والمنفي ب «لما» قد جاء مؤكدا بها ، كقول الشاعر : [الرجز]
١٦٣٧ ـ يحسبه الجاهل ما لم يعلما |
|
شيخا على كرسيّه معمّما (١) |
فلما حذفت النون بقي آخر الفعل مفتوحا ، كقول الشاعر : [الخفيف]
١٦٣٨ ـ لا تهين الفقير علّك أن تر |
|
كع يوما والدّهر قد رفعه (٢) |
وعليه تخرّج قراءة : (أَلَمْ نَشْرَحْ) [الشرح : ١] ـ بفتح الحاء ـ.
وقول الآخر : [الرجز]
١٦٣٩ ـ من أيّ يوميّ من الموت أفر |
|
من يوم لم يقدر أو يوم قدر (٣) |
قوله : «ويعلم» العامة على فتح الميم ، وفيها تخريجان :
أحدهما : وهو الأشهر ـ أن الفعل منصوب ، ثم هل نصبه ب «أن» مقدّرة بعد الواو المقتضية للجمع كهي في قولك : لا تأكل السمك وتشرب اللبن ، أي : لا تجمع بينهما ـ وهو مذهب البصريين ـ أو بواو الصرف ـ وهو مذهب الكوفيين ـ يعنون أنه كان من حق الفعل أن يعرب بإعراب ما قبله ، فلما جاءت الواو صرفته إلى وجه آخر من الإعراب.
الثاني : أن الفتحة فتحة التقاء الساكنين ، والفعل مجزوم ، فلما وقع بعده ساكن آخر ، احتيج إلى تحريك آخره ، فكانت الفتحة أولى ؛ لأنها أخف ، وللإتباع لحركة اللام ، كما قيل ذلك في أحد التخريجين في قراءة «ولمّا يعلم الله» بفتح الميم ـ والأول هو الوجه.
وقرأ الحسن وأبو حيوة وابن يعمر (٤) : بكسر الميم ؛ عطفا على «يعلم» المجزوم ب «لمّا».
وقرأ عبد الوارث ـ عن أبي عمرو بن العلاء ـ «ويعلم» بالرفع (٥) ، وفيها وجهان :
أظهرهما : أنه مستأنف ، أخبر ـ تعالى ـ بذلك.
وقال الزّمخشريّ : «على أن الواو للحال ، كأنه قيل : ولما تجاهدوا وأنتم صابرون».
__________________
(١) البيت لأبي حيان الفقعسي ونسب لمساور العبسي ونسب للعجاج ينظر البيت في ديوانه وابن يعيش ٩ / ٤٢ والنوادر (١١٣) وأمالي الزجاجي (١٨٩) والإنصاف ٢ / ٦٥٣ ومجالس ثعلب (٥٥٢) والكتاب ٣ / ٥١٦ ، وشرح الأشموني ٣ / ٢١٨ وشرح الكافية للرضي ٢ / ٤٠٤ والمقتضب ٢ / ١١٣٠ وأوضح المسالك ٤ / ١٠٦ وضرائر الشعر ص ٢٩ والدر المصون ٢ / ٢١٨.
(٢) تقدم برقم ٤٤٨.
(٣) البيت للحارث بن المنذر. ينظر حماسة البحتري (٤٥) وسر الصناعة (٨٥) والدر المصون ٢ / ٢١٩.
(٤) ينظر : مصادر القراءة السابقة.
(٥) ينظر : إتحاف ١ / ٤٨٨ ، والمحرر الوجيز ١ / ٥١٥ ، والبحر المحيط ٣ / ٧٢ ، والدر المصون ٢ / ٢١٩.