الوجه الثاني : أن يكون «قاتل» جملة في محل جر ؛ صفة ل «نبيّ» ، و (مَعَهُ رِبِّيُّونَ) هو الخبر ، لكن الوجهان المتقدمان في جعله حالا ـ أعني : إن شئت أن تجعل «معه» خبرا مقدما ، و «ربّيّون» مبتدأ مؤخرا ، والجملة خبر «كأيّن» ، وأن تجعل «معه» ـ وحده ـ هو الخبر ، و «ربّيّون» فاعل به ؛ لاعتماد الظرف على ذي خبر.
الوجه الثالث : أن يكون الخبر محذوفا ، تقديره : في الدنيا ، أو مضى ، أو : صابر ، وعلى هذا ، فقوله : «قاتل» في محل جر ؛ صفة ل «نبيّ» ، و «معه ربّيّون» حال من الضمير في «قاتل» ـ على ما تقدم تقريره ـ ويجوز أن يكون «معه ربّيّون» صفة ثانية ل «نبيّ» ، وصف بصفتين : بكونه قاتل ، وبكونه معه ربيون.
الوجه الرابع : أن يكون «قاتل» فارغا من الضمير ، مسندا إلى «ربّيّون» وفي هذه الجملة ـ حينئذ ـ احتمالان :
أحدهما : أن تكون خبرا ل «كأيّن».
الثاني : أن تكون في محل جر ل «نبيّ» والخبر محذوف ـ على ما تقدم ـ وادّعاء حذف الخبر ضعيف لاستقلال الكلام بدونه.
وقال أبو البقاء : ويجوز أن يكون «قاتل» مسندا ل «ربّيّون» ، فلا ضمير فيه على هذا ، والجملة صفة «نبيّ».
ويجوز أن يكون خبرا ، فيصير في الخبر أربعة أوجه ، ويجوز أن يكون صفة ل «نبيّ» والخبر محذوف على ما ذكرنا.
وقوله : صفة ل «ربّيّون» يعني : أن القتل من صفتهم في المعنى ، وقوله : «فيصير في الخبر أربعة أوجه» يعني : ما تقدم له من أوجه ذكرها ، وقوله : فلا ضمير فيه ـ على هذا ـ والجملة صفة «نبي» غلط ؛ لأنه يبقى المبتدأ بلا خبر.
فإن قلت : إنما يزعم هذا لأنه يقدر خبرا محذوفا؟
قلت : قد ذكر أوجها أخر ؛ حيث قال : «ويجوز أن تكون صفة ل «نبيّ» والخبر محذوف ـ على ما ذكرنا».
ورجّح كون قاتل مسندا إلى ضمير النبي أن القصة بسبب غزوة أحد ، وتخاذل المؤمنين حين قيل : إن محمدا قد مات مقتولا ؛ ويؤيد هذا الترجيح قوله : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) وإليه ذهب ابن عباس والطبريّ وجماعة. وعن ابن عباس ـ في قوله : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) [آل عمران : ١٦١] ـ قال : النبي يقتل فكيف لا يخان؟ (١)
__________________
(١) انظر : السبعة ٢١٧ ، والكشف ١ / ٣٥٩ ، والحجة ٣ / ٨٢ ، والعنوان ٨١ ، وشرح الطيبة ٤ / ١٦٩ ، وشرح شعلة ٣٢٣ ، وحجة القراءات ١٧٥ ، وإتحاف ١ / ٤٨٩ ، وإعراب القراءات ١ / ١٢٠.