وكانت في موضع رفع ، و «قاتل» الخبر ، و «من» متعلقة بمعنى «الاستقرار» ، والتقدير الأول أوضح ؛ لحمل الكلام على اللفظ دون المعنى ، بما يجب من الخفض في «أي» ، وإذا كانت «أي» على بابها من معاملة اللفظ ، ف «من» متعلقة بما تعلقت به الكاف من المعنى المدلول عليه» اه. وهو كلام غريب.
واختار أبو حيان أن «كأين» كلمة بسيطة ـ غير مركبة ـ وأن آخرها نون ـ هي من نفس الكلمة ـ لا تنوين ؛ لأن هذه الدعاوى المتقدمة لا يقوم عليها دليل ، وهذه طريق سهلة ، والنحويون ذكروا هذه الأشياء ؛ محافظة على أصولهم ، مع ما ينضم إلى ذلك من الفوائد ، وتمرين الذهن. هذا ما يتعلق بها من حيث التركيب ، فموضعها رفع بالابتداء ، وفي خبرها أربعة أوجه :
أحدها : أنه «قاتل» فإن فيه ضميرا مرفوعا به ، يعود على المبتدأ ، والتقدير : كثير من الأنبياء قاتل.
قال أبو البقاء : والجيد أن يعود الضمير على لفظ «كأين» ، كما تقول : مائة نبي قتل ، فالضمير للمائة ؛ إذ هي المبتدأ.
فإن قيل : لو كان كذلك لأنثت ، فقلت : قتلت؟
قيل : هذا محمول على المعنى ؛ لأن التقدير : كثير من الرجال قتل.
كأنه يعني بغير الجيد عوده على لفظ «نبيّ» ، فعلى هذا جملة (مَعَهُ رِبِّيُّونَ) جملة في محل نصب على الحال من الضمير في «قتل».
ويجوز أن يرتفع «ربيون» على الفاعلية بالظرف ، ويكون الظرف هو الواقع حالا ، التقدير : استقر معه ربيون.
وهو أولى ؛ لأنه من قبيل المفردات ، وأصل الحال والخبر والصفة أن تكون مفردة.
ويجوز أن يكون «معه» ـ وحده ـ هو الحال ، و «ربّيّون» فاعل به ، ولا يحتاج ـ هنا ـ إلى واو الحال ؛ لأن الضمير هو الرابط ـ أعني : الضمير في «معه».
ويجوز أن يكون حالا من «نبيّ» ـ وإن كان نكرة ـ لتخصيصه بالصفة حينئذ ؛ ذكره مكي. وعمل الظرف ـ هنا ـ لاعتماده على ذي الحال.
قال أبو حيان : وهي حال محكية ، فلذلك ارتفع «ربيون» بالظرف ـ وإن كان العامل ماضيا ، لأنه حكى الحال الماضية ، كقوله : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) [الكهف : ١٨] ، وذلك على مذهب البصريين ، وأما الكسائي فيعمل اسم الفاعل العاري من «أل» مطلقا.
وفيه نظر ؛ لأنا لا نسلم أن الظرف يتعلق باسم فاعل ، حتى يلزم عليه ما قال من تأويله اسم الفاعل بحال ماضية ، بل يدعى تعلّقه بفعل ، تقديره : استقر معه ربيون.