الياء الثانية ، استثقالا ، فالتقى ساكنان ـ الياء والتنوين ـ فكسر الياء ؛ لالتقاء الساكنين ، ثم سكنت الهمزة تخفيفا لثقل الكلمة بالتركيب ، فصارت كالكلمة الواحدة كما سكنوا «فهو» و «فهي».
اللغة الرابعة : «كيإن» بياء ساكنة ، بعدها همزة مكسورة ، وهذه مقلوب القراءة التي قبلها ، وقرأ بها بعضهم.
اللغة الخامسة : «كإن» ـ على مثال كع ـ ونقلها الداني قراءة عن ابن محيصن أيضا.
وقال الشاعر : [الطويل]
١٦٥١ ـ كئن من صديق خلته صادق الإخا |
|
ء أبان اختباري أنّه لي مداهن (١) |
وفيها وجهان :
أحدهما : أنه حذف الياءين دفعة واحدة لامتزاج الكلمتين بالتركيب.
والثاني : أنه حذف إحدى الياءين ـ على ما تقدم تقريره ـ ، ثم حذف الأخرى لالتقائها ساكنة مع التنوين ووزنه ـ على هذا ـ كف ؛ لحذف العين واللام منه.
واختلفوا في «أي» هل هي مصدر في الأصل ، أم لا؟
فذهب جماعة إلى أنها ليست مصدرا ، وهو قول أبي البقاء ؛ فإنه قال «كأيّن» الأصل فيه : «أيّ» ، التي هي بعض من كل ، أدخلت عليها كاف التشبيه.
وفي عبارته عن «أيّ» بأنها بعض من كل ، نظر لأنها ليست بمعنى : بعض من كل ، نعم إذا أضيفت إلى معرفة فحكمها حكم «بعض» في مطابقة الجزء ، وعود الضمير ، نحو : أيّ الرجلين قائم ولا نقول : قاما ، فليست هي التي «بعض» أصلا.
وذهب ابن جني إلى أنها ـ في الأصل ـ مصدر أوى يأوي ـ إذا انضم ، واجتمع ـ والأصل : أويّ ، نحو طوى يطوي طيّا ـ فاجتمعت الياء والواو ، وسبقت إحداهما بالسكون ، فقلبت الواو ياء ، وأدغمت في الياء ، وكأن ابن جنّي ينظر إلى أن معنى المادة من الاجتماع الذي يدل عليه «أي» فإنها للعموم ، والعموم يستلزم الاجتماع.
وهل هذه الكاف الداخلة على «أي» تتعلق بغيرها من حروف الجر ، أم لا؟
والصحيح أنها لا تتعلق بشيء ؛ لأنها مع «أي» صارتا بمنزلة كلمة واحدة ـ وهي «كم» ـ فلم تتعلق بشيء ، ولذلك هجر معناه الأصلي ـ وهو التشبيه ـ.
وزعم الحوفيّ أنها تتعلق بعامل ، فقال : «أما العامل في الكاف ، فإن جعلناها على حكم الأصل ، فمحمول على المعنى ، والمعنى : إصابتكم كإصابة من تقدّم من الأنبياء وأصحابهم ، وإن حملنا الحكم على الانتقال إلى معنى «كم» ، كان العامل بتقدير الابتداء ،
__________________
(١) ينظر البيت في حاشية الشهاب ٣ / ٦٩ والبحر ٣ / ٧٨ والدر المصون ٢ / ٢٢٦.