قوله : (وَمَا اسْتَكانُوا) فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه «استفعل» من الكون ـ والكون : الذّلّ ـ وأصله : استكون ، فنقلت حركة الواو على الكاف ، ثم قلبت الواو ألفا.
وقال الأزهريّ وأبو علي : هو من قول العرب : بات فلان بكينة سوء ـ على وزن جفنة ـ أي : بحالة سوء ، فألفه ـ على هذا من ياء ، والأصل : استكين ، ففعل بالياء ما فعل بأختها. [وهو القول الثاني](١).
الثالث : قال الفرّاء : وزنة «افتعل» من السكون ، وإنما أشبعت الفتحة ، فتولّد منها ألف.
كقول الشاعر : [الرجز]
١٦٥٤ ـ أعوذ بالله من العقراب |
|
الشّائلات عقد الأذناب (٢) |
يريد : العقرب الشائلة.
وردّ على الفرّاء بأن هذه الألف ثابتة في جميع تصاريف الكلمة ، نحو : استكان ، يستكين ، فهو مستكين ومستكان إليه استكانة. وبأنّ الإشباع لا يكون إلا في ضرورة.
وكلاهما لا يلزمه ؛ أما الإشباع فواقع في القراءات ـ السبع ـ كما سيأتي ـ.
وأما ثبوت الألف في تصاريف الكلمة فلا يدلّ ـ أيضا ـ لأن الزائد قد يلزم ؛ ألا ترى أنّ الميم ـ في تمندل وتمدرع ـ زائدة ، ومع ذلك ثابتة في جميع تصاريف الكلمة ، قالوا : تمندل ، يتمندل ، تمندلا ، فهو متمندل ، ومتمندل به. وكذلك تمدرع ، وهما من الندل والدرع.
وعبارة أبي البقاء أحسن في الرّدّ ؛ فإنه قال : «لأن الكلمة ثبتت عينها في جميع تصاريفها تقول : استكان ، يستكين ، استكانة ، فهو مستكين ، ومستكان له والإشباع لا يكون على هذا الحد».
ولم يذكر متعلق الاستكانة والضعف ـ فلم يقل : فما ضعفوا عن كذا ، وما استكانوا لكذا ـ للعلم ، أو للاقتصار على الفعلين ـ نحو (كُلُوا وَاشْرَبُوا) [الحاقة : ٢٤] ليعم كلّ ما يصلح لهما.
وقال الزمخشري : ما وهنوا عند قتل النبيّ.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ينظر البيت في المغني ١ / ٣٧٢ ورصف المباني (١٢) وشرح شواهد المغني (٢٢٦) والتاج (عقد) واللسان (سبسب) والجمل في النحو ص ٢٤٤ وضرائر الشعر ص ٣٣ وشرح الجمل ١ / ١٢١ و ٢ / ٥٥٧ والدر المصون ٢ / ٢٢٩.