في النحو ، فأمكن ذلك ، وليس مثل ذلك «واحد» «اثنان» ؛ لأن الساكن الأول ليس حرف مدّ ، ولا الثاني مدغما ، فلا يمكن الجمع بينهما ، وأما قوله : فلما حركوا الدال ، علم أن حركتها هي حركة الهمزة الساقطة لا غير وأنها ليست لالتقاء الساكنين [ويعني بالساكنين الياء والميم] ؛ لما بنى على أن الجمع بين الساكنين في «واحد» «اثنان» ممكن ، وحركة التقاء الساكنين إنما هي فيما لا يمكن أن يجتمعا في اللفظ ادعى أن حركة الدال هي حركة الهمزة الساقطة».
قال شهاب الدين (١) : «وهذا الذي ردّ به عليه صحيح ، وهو معلوم بالضرورة ؛ إذ لا يمكن النطق بما ذكر».
ونصر بعضهم رأي الفرّاء واختيار الزمخشري بأن هذه الحروف جيء بها لمعنى في غيرها ، فأواخرها موقوفة ، والنية بما بعدها الاستئناف ، فالهمزة في حكم الثابت كما في أنصاف الأبيات ، كقول حسان : [البسيط]
١٣١٦ ـ لتسمعنّ وشيكا في دياركم |
|
ألله أكبر يا ثارات عثمانا (٢) |
ورجحه بعضهم أيضا بما حكي عن المبرد : أنه يجيز : الله أكبر الله أكبر ـ بفتح الراء الأولى ـ قال : لأنه في نية الوقف على «أكبر» والابتداء بما بعده ، فلما وصلوا مع قصدهم التنبيه على الوقف على آخر كل كلمة من كلمات التكبير نقلوا حركة الهمزة الداخلة على لام التعريف إلى الساكن قبلها ؛ التفاتا لما ذكر من قصدهم ، وإذا كانوا قد فعلوا ذلك في حركات الإعراب وأتوا بغيرها ـ مع احتياجهم إلى الحركة من حيث هي ـ فلأن يفعلوا ذلك فيما كان موقوف [الأخير] من باب أولى.
الرابع : أن تكون الفتحة فتحة إعراب على أنه مفعول بفعل مقدّر ، أي اقرءوا «الم» وإنما منعه من الصرف العلمية والتأنيث المعنويّ إذ أريد به اسم السورة ، نحو قرأت هود ، وقد قالوا هذا الوجه بعينه في قراءة (٣) من قرأ صاد والقرءان ذى الذكر [ص : ١] بفتح الدال من صاد ، فهذا يجوز أن يكون مثله.
الخامس : أن الفتحة علامة الجر ، والمراد بألف لام ميم أيضا السورة ، وأنها مقسم بها ، فحذف حرف القسم ، وبقي عمله ، وامتنع من الصرف لما تقدم ، وهذا الوجه ـ أيضا ـ مقول في قراءة من قرأ صاد (٤) ـ بفتح الدال ـ ، إلا أن القراءة هناك شاذّة ، وهنا متواترة.
والظاهر أنها حركة التقاء الساكنين ـ كما هو مذهب سيبويه وأتباعه ـ.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٢ / ٦.
(٢) ينظر ديوانه ص ٢١٦ ، ولسان العرب (ثور) ، وخزانة الأدب ٧ / ٢١٠ ، ورصف المباني ص ٤١ والمصنف ١ / ٦٨ ، والدر المصون ٢ / ٦.
(٣) قرأ بها عيسى بن عمر كما في الشواذ ١٢٩ ، وستأتي في سورة «ص» آية ١ ، ٢.
(٤) تقدمت.