وقرأ ابن (١) السميفع : «يا قومي ادخلوا» بفتح الياء ، وروي أنّ إبراهيم ـ عليهالسلام ـ لما صعد [جبل لبنان](٢) ، فقال الله تعالى له : «انظر فما أدركه بصرك فهو مقدس ، وهو ميراث لذريتك» (٣).
والأرض المقدّسة هي الأرض المطهّرة من الآفات ؛ لأنّ التّقديس هو التّطهير ، وقال المفسّرون (٤) طهّرت من الشّرك ، وجعلت مسكنا وقرارا للأنبياء ، وفيه نظر ؛ لأنّ تلك الأرض لما أمرهم موسى بدخولها ما كانت مقدّسة عن الشّرك ، وما كانت مقرّا للأنبياء ، وقد يجاب عنه بأنّها كانت كذلك فيما قبل.
واختلفوا في تلك الأرض ، فقال عكرمة ، والسديّ ، وابن زيد : هي أريحا (٥).
وقال الكلبيّ : هي دمشق وفلسطين وبعض الأردن (٦) ، وقال الضّحّاك : هي إيليا وبيت المقدس ، وقال مجاهد : هي الطّور وما حوله (٧). وقال قتادة : هي الشّام كلّها (٨). وقال كعب : وجدت في كتاب الله المنزّل [أنّ الشّام](٩) كنز الله من أرضه ، وبها كثرة من عباده.
وقوله : (كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) يعني : في اللّوح المحفوظ أنّها لكم مساكن.
وقال ابن إسحاق (١٠) : وهب الله لكم ، وقيل : جعلها لكم [قال السديّ : أمركم الله بدخولها](١١).
فإن قيل : لم قال (كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) ، ثم قال (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ)(١٢) [المائدة : ٢٦].
فالجواب : قال ابن عبّاس : كانت هبة ثمّ حرّمها عليهم بشؤم تمرّدهم وعصيانهم (١٣) ، وقيل: اللّفظ وإن كان عامّا لكنّ المراد به الخصوص ، فكأنّها كتبت لبعضهم ، وحرّمت على بعضهم.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٢ / ٥٠٦.
(٢) في ب : الجبل ليناد.
(٣) ينظر : الرازي ١١ / ١٥٦.
(٤) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٥٦.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٥١٤) عن ابن عباس والسدي وابن زيد.
(٦) ذكره الطبري في «تفسيره» (٤ / ٥١٣) عن الكلبي.
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٥١٣) عن ابن عباس ومجاهد.
(٨) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٥١٣) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤٧٨) عن قتادة وعزاه لعبد بن حميد وعبد الرزاق.
(٩) سقط في أ.
(١٠) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ٢٤.
(١١) سقط في أ.
(١٢) انظر هذه الآثار في «التفسير الكبير» للرازي (١١ / ١٥٦).
(١٣) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ١٥٦.