بالإخبار بها ، فالواو استئنافية لمجرد عطف جملة على جملة ، و «الواو» ثابتة في مصاحف «الكوفة» و «المشرق» ، والقارى بذلك هو صاحب ذلك المصحف ، والكلام كما تقدم أيضا.
قال الواحدي ـ رحمهالله (١) ـ : وحذف «الواو» هاهنا كإثباتها ، وذلك أن في الجملة المعطوفة ذكرا من المعطوف عليها ، فإن الموصوفين بقوله تعالى (يُسارِعُونَ فِيهِمْ) ، هم الذين قال فيهم المؤمنون : (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ) ، فلما حصل في كل واحدة من الجملتين ذكر من الأخرى حسن العطف بالواو وبغير الواو ، ونظيره قوله تعالى : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ) [الكهف : ٢٣] لما كان في كل واحدة من الجملتين ذكر ما تقدم ، عنى ذلك أن حذف الواو وذكراها جائز.
وأما قراءة أبي عمرو فهي التي تحتاج إلى فضل نظر.
واختلفوا في ذلك على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه منصوب عطفا على «فيصبحوا» على أحد الوجهين المذكورين في نصب «فيصبحوا» ، وهو الوجه الثاني ، أعني : كونه منصوبا بإضمار في جواب الترجي بعد «الفاء» ، إجراء للترجي مجرى التمني ، وفيه خلاف بين البصريين والكوفيين ، فالبصريون يمنعونه ، والكوفيون يجيزونه مستدلين على ذلك بقراءة (٢) نافع (لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى) [عبس : ٣ ، ٤] بنصب «تنفعه» وبقراءة عاصم (٣) في روآية حفص : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ) [غافر : ٣٦ ، ٣٧] بنصب «فأطلع» ، وسيأتي الجواب عن الآيتين في موضعه.
وهذا الوجه ـ أعني : عطف «ويقول» على «فيصبحوا» ـ قاله الفارسي وجماعة ، ونقله ابن عطية ، وذكره أبو عمرو بن الحاجب.
قال شهاب الدين أبو شامة بعد ذكره الوجه المتقدم : «وهذا وجه جيد أفادنيه الشيخ أبو عمرو بن الحاجب ، ولم أره لغيره ، وذكروا وجوها كلها بعيدة متعسفة» انتهى.
قال شهاب الدين (٤) : وهذا ـ كما رأيت ـ منقول مشهود عن أبي علي الفارسي ، وأما ما استجاد به هذا الوجه فإنما يتمشى على قول الكوفيين ، وهو مرجوح كا تقرر في علم النحو.
الثاني : أنه منصوب عطفا على المصدر قبله ، وهو الفتح كأنه قيل : (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) ، وبأن يقول ، أي : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا) ، وهذا الوجه ذكره أبو جعفر النحاس (٥) ، ونظروه بقول الشاعر : [الوافر]
__________________
(١) ينظر : الرازي ١٢ / ١٦.
(٢) ستأتي في «عبس» آية (٣ ، ٤).
(٣) ستأتي في «غافر» آية (٣٦ ، ٣٧).
(٤) ينظر : الدر المصون ٢ / ٥٤٤.
(٥) ينظر : إعراب القرآن ١ / ٥٠٣.