وقرأ ابن مسعود في رواية علقمة أيضا : «وعبّد الطّاغوت» بضمّ العين ، وبشد الباء مفتوحة ، وفتح الدال ، ونصب «الطّاغوت» ؛ وخرّجها ابن عطية على أنها جمع عابد ؛ كضرّب في جمع ضارب ، وحذف التنوين من «عبّدا» ؛ لالتقاء الساكنين ؛ كقوله : [الطويل]
١٩٩٦ ـ ................ |
|
ولا ذاكر الله إلّا قليلا (١) |
قال : «وقد تقدّم نظيره» ، يعني قراءة : «وعبد الطّاغوت» بفتح العين والدال ، وسكون الباء ، ونصب التاء ، وكان ذكر لها تخريجين ، أحدهما هذا ، والآخر لا يمكن ، وهو تسكين عين الماضي ، وقرأ بريدة الأسلميّ فيما نقله عنه ابن جرير «وعابد الشّيطان» بنصب «عابد» وجرّ «الشّيطان» بدل الطّاغوت ، وهو تفسير ، لا قراءة ، وقرأ أبو واقد الأعرابيّ : «وعبّاد» بضمّ العين وتشديد الباء بعدها ألف ونصب الدال ، والطّاغوت بالجرّ ، وهي جمع عابد ؛ كضرّاب في ضارب.
وقرأ بعض البصريّين : «وعباد الطّاغوت» بكسر العين ، وبعد الباء المخفّفة ألف ، ونصب الدال ، وجرّ «الطّاغوت» ، وفيها قولان :
أحدهما : أنه جمع عابد ؛ كقائم وقيام ، وصائم وصيام.
والثاني : أنها جمع عبد ؛ وأنشد سيبويه : [الوافر]
١٩٩٧ ـ أتوعدني بقومك يا بن حجل |
|
أشابات يخالون العبادا (٢) |
قال ابن عطية (٣) : «وقد يجوز أن يكون جمع «عبد» ، وقلّما يأتي «عباد» مضافا إلى غير الله تعالى ، وأنشد سيبويه : «أتوعدني» البيت ، قال أبو الفتح (٤) : يريد عباد آدم ـ عليهالسلام ـ ولو أراد عباد [الله] فليس ذلك بشيء يسبّ به أحد ، فالخلق كلّهم عباد الله» قال ابن عطيّة (٥) : «وهذا التعليق بآدم شاذّ بعيد ، والاعتراض باق ، وليس هذا ممّا تخيّل الشاعر قصده ، وإنما أراد العبيد ، فساقته القافية إلى العباد ؛ إذ قد يقال لمن يملكه ملكا مّا ، وقد ذكر أن عرب الحيرة سمّوا عبادا ؛ لدخولهم في طاعة كسرى ، فدانتهم مملكته» ، قال شهاب الدين (٦) : قد اشتهر في ألسنة الناس أن «عبدا» المضاف إلى الله تعالى يجمع على «عباد» وإلى غيره على «عبيد» ، وهذا هو الغالب ، وعليه بنى أبو محمّد.
وقرأ عون العقيليّ في رواية العبّاس بن الفضل عنه : «وعابد الطّاغوت» بضمّ الدال ،
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : الكتاب ، ١ / ١٥٣ ، المحتسب ١ / ٢١٥ ، ابن الشجري ١ / ٦٦ ، الدر المصون ٢ / ٥٦١ ، والمحرر الوجيز ٢ / ٢١٢.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٢١٢.
(٤) ينظر : المحتسب ١ / ٢١٦.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٢١٢.
(٦) ينظر : الدر المصون ٢ / ٥٦١.