فضّة» بمعنى من فضّة» ، قال أبو حيان (١) : «أمّا ما زعمه ، فليس من هذا الباب ؛ لأنّ «خاتم فضّة» من باب إضافة الشيء إلى جنسه ، والطعام ليس جنسا للكفارة ، إلا بتجّوز بعيد جدّا». انتهى ، قال شهاب الدين (٢) : كان من حقّه أن يقول : والكفّارة ليست جنسا للطّعام ؛ لأنّ الكفارة في التركيب نظير «خاتم» في أنّ كلّا منهما هو المضاف إلى ما بعده ، فكما أن «خاتما» هو المضاف إلى جنسه ينبغي أن يقال : الكفّارة ليست جنسا للطعام ؛ لأجل المقابلة ، لكن لا يمكن أن يقال ذلك ، فإنّ الكفارة كما تقدّم جنس للطعام ، والجزاء ، والصّوم ، فالطريق في الردّ على الزمخشريّ أن يقال : شرط الإضافة بمعنى «من» : أن يضاف جزء إلى كلّ بشرط صدق اسم الكلّ على الجزء ؛ نحو : «خاتم فضّة» ، و (كَفَّارَةٌ طَعامُ) ليس كذلك ، بل هي إضافة «كلّ» إلى جزء ، وقد استشكل جماعة هذه القراءة ؛ من حيث إنّ الكفارة ليست للطعام ، إنما هي لقتل الصيد ، كذا قاله أبو عليّ الفارسيّ وغيره ، وجوابه ما تقدّم. ولم يختلف السبعة في جمع «مساكين» هنا ، وإن اختلفوا في البقرة ، قالوا : والفرق بينهما أنّ قتل الصّيد لا يجزىء فيه إطعام مسكين واحد ، على أنه قد قرأ عيسى بن عمر والأعرج بتنوين «كفّارة» ، ورفع «طعام مسكين» بالتوحيد ، قالوا : ومرادهما بيان الجنس ، لا التوحيد.
قوله : «أو عدل» نسق على «فجزاء» ، والجمهور على فتح العين ، وقرأ (٣) ابن عباس وطلحة بن مصرّف والجحدري بكسرها.
قال الفرّاء (٤) : «العدل» بالكسر : ما عادل الشّيء من جنسه ، والعدل : المثل ، تقول : عندي عدل غلامك أو شاتك إذا كان غلام بعدل غلامه ، أو شاة تعدل شاته ، أمّا إذا أردت قيمته من غير جنسه نصبت العين ، فقلت : عدل.
وقال أبو الهيثم (٥) : العدل : المثل ، والعدل : القيمة ، والعدل : اسم معدول بحمل آخر مسوى به ، والعدل : تقويمك الشّيء بالشيء من غير جنسه.
وقال الزّجّاج ، وابن الأعرابيّ (٦) : العدل والعدل سواء ، وقد تقدّم الكلام عليه في البقرة ، عند قوله : (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) [الآية : ٤٨].
قوله : «صياما» نصب على التميز كقولك : «عندي رطلان عسلا» لأنّ المعنى : أو قدر ذلك صياما ، والأصل فيه إدخال حرفين تقول : رطلان من العسل ، وعدل ذلك من الصّيام. [وأصل «صياما» : «صواما» فأعلّ كما تقدّم مرارا].
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٤.
(٢) ينظر : الدر المصون ٢ / ٦١٠.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٢٤٠ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٤ ، والدر المصون ٢ / ٦١١.
(٤) ينظر : تفسير الفخر الرازي ١٢ / ٨٠.
(٥) ينظر : المصدر السابق.
(٦) ينظر : المصدر السابق.