لذلك وإن لم يشترط أو يتّفق عليه. وبه أفتى في المختلف والمسالك وغيرهما (١) ، وهو مقتضى الأُصول المتقدّمة أيضاً ، مع أصل آخر ، وهو : لزوم النهي عن المنكر. فإذا علمنا بعمله وجب علينا نقضه وزجره عنه ، فكيف يجوز لنا إعانته عليه؟! ما هذا إلاّ أمر عجيب.
( و ) إن خالف فيه الأكثر ، فقالوا : ( يكره بيعه ممّن يعمله ) مع عدم الشرط والاتّفاق مطلقاً ، علم بعمله أو ظنّ.
ولا بُعد في الثاني ، وإن كان الأحوط فيه أيضاً العدم ، إلاّ أنّ الأوّل مع ما عرفت من الأدلّة على خلافه غير ظاهر الوجه ، إلاّ ما يستفاد من الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة الواردة في الأوّل ، المبيحة لبيعه ممّن يخمره على الإطلاق ، خرج منها المجمع على تحريمه من البيع في صورتي الاشتراط والاتفاق ، ويبقى الباقي تحت الإطلاق.
منها الصحيح : عن بيع عصير العنب ممّن يجعله حراماً ، فقال : « لا بأس به ، يبيعه حلالاً فيجعله حراماً ، فأبعده الله تعالى وأسحقه » (٢).
والصحيح : عن بيع العصير ممّن يخمره ، فقال : « حلال ، ألسنا نبيع تمرنا ممّن يجعله شراباً خبيثاً » (٣).
والصحيح : « لو باع ثمرته ممّن يعلم أنه يجعله خمراً حراماً لم يكن بذلك بأس » (٤) الخبر.
__________________
(١) المختلف : ٣٤٣ ، المسالك ١ : ١٦٥ ؛ وانظر الحدائق ١٨ : ٢٠٢.
(٢) الكافي ٥ : ٢٣١ / ٦ ، التهذيب ٧ : ١٣٦ / ٦٠٤ ، الإستبصار ٣ : ١٠٥ / ٣٧١ ، الوسائل ١٧ : ٢٣٠ أبواب ما يكتسب به ب ٥٩ ح ٤ ؛ بتفاوت.
(٣) التهذيب ٧ : ١٣٦ / ٦٠٣ ، الإستبصار ٣ : ١٠٥ / ٣٧٠ ، الوسائل ١٧ : ٢٣١ أبواب ما يكتسب به ب ٥٩ ح ٨ ؛ بتفاوت.
(٤) الكافي ٥ : ٢٣٠ / ١ ، التهذيب ٧ : ١٣٨ / ٦١١ ، الإستبصار ٣ : ١٠٦ / ٣٧٤ ،