أيضاً : وفيه : إنّي أقرأ القرآن فيُهدى إليّ الهدية فأقبلها؟ قال : « لا » قلت : إن لم أُشارطه؟ قال : « أرأيت لو لم تقرأ كان يُهدى لك؟ » قلت : لا ، قال : « فلا تقبله » (١).
فالأصح القول إمّا بالكراهة مطلقاً كما عليه جماعة (٢) ؛ لإطلاق النهي عنه في المستفيضة السالمة عن معارضة ما يصلح لتقييدها بصورة الاشتراط. أو انتفائها كذلك ، بناءً على احتمال ورود المنع تقيّة ، كما هو صريح الرواية الأُولى المجوّزة. فلولا الشهرة وجواز المسامحة في أدلّة الكراهة لكان هذا القول في غاية القوّة.
وأمّا القول بالحرمة مطلقاً أو في الجملة فضعيف البتّة ؛ لضعف النصوص المانعة ، ومعارضتها بالأصل والروايات المنجبر قصور أسانيدها بالشهرة في الجملة ، هذا.
وأمّا الكراهة في القابلة مع الشرط فلم أقف فيها على دلالة ، بل أصالة الإباحة المطلقة والضرورة في ردّها أوضح قرينة ، إلاّ أن يكون إجماعاً ، والمناقشة فيه واضحة ، مع أنّ المحكي عن المنتهى (٣) الإباحة من دون تقييد بالكراهة ، إلاّ أنّها لا بأس بها ، لما عرفت من جواز المسامحة في نحو المسألة.
ثم إنّ الواجب تقييد الجواز على القول به مطلقاً أو في الجملة بصورة ما إذا لم يكن أحد الأمرين واجباً ولو كفايةً ، وإلاّ فينتفي رأساً ويثبت
__________________
(١) الفقيه ٣ : ١١٠ / ٤٦٢ ، التهذيب ٦ : ٣٦٥ / ١٠٤٨ ، الإستبصار ٣ : ٦٦ / ٢١٩ ، الوسائل ١٧ : ١٥٥ أبواب ما يكتسب به ب ٢٩ ح ٤.
(٢) منهم : العلاّمة في التحرير ١ : ١٦٢ ، والشهيد في الدروس ٣ : ١٧٣ ، والفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٢ : ١٨.
(٣) المنتهى ٢ : ١٠٢١.