وبقي فيه دخول الهبة المشروط فيها عوض معيّن ، والصلح المشتمل على نقل الملك بعوض معلوم ، فإنّه ليس بيعاً عند المصنف وسائر المتأخّرين ، فاختلّ التعريف منه كاختلاله منه في غير الكتاب ، ومن غيره ، والأمر فيه سهل بعد وضوح المطلب.
وحيث كان البيع عبارة عن الإيجاب والقبول المذكورين فلا يكفي في اللزوم المعاطاة ، وهي إعطاء كلّ واحد من المتبايعين من المال عوضاً عمّا يأخذه من الآخر باتّفاقهما على ذلك بغير العقد المخصوص ، سواء في ذلك الجليل والحقير ، على المشهور ، بل كان أن يكون إجماعاً ، كما في الروضة والمسالك في موضعين (١) ، بل ظاهر الأخير تحقّقه وانعقاده ، وادّعاه صريحاً في الغنية (٢) ؛ وهو الحجة بعد الأُصول القطعيّة من عدم الانتقال وترتّب أحكام البيع من اللزوم وغيره.
مضافاً إلى ما استدلّ به في الغنية ، قال : ولما ذكرناه نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع الملامسة والمنابذة وعن بيع الحصاة على التأويل الآخر ، ومعنى ذلك أن يجعل اللمس للشيء أو النبذ له أو إلقاء الحصاة بيعاً موجباً (٣). انتهى ، فتأمّل.
ولم نقف لهم على مخالف لا من الأصحاب عدا ما ربّما يتوهّم من كلام المفيد (٤) من الاكتفاء بمجرد التراضي والتقابض ولو خلاء عن اللفظ
__________________
(١) الروضة ٣ : ٢٢٢ ، المسالك ١ : ١٦٩ ، ١٧٠.
(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨٦.
(٣) ورد مؤدّاه في معاني الأخبار : ٨٠ ، وعنه في الوسائل ١٧ : ٣٥٨ أبواب عقد البيع وشروطه ب ١٢ ح ١٣.
(٤) انظر المقنعة : ٥٩١.