وقال : « أنا أخاف أن يكون صادقاً ، ولئن كان صادقاً ، لم يَحُلْ والله علينا الحول ، وفي الدنيا نصراني » .
فصالَحوا رسول الله صلى الله عليه وآله على ألف حُلّة من حلل الأواقي ، وقال النبي : « والذي نفسي بيده ، لو لاعنوني ، لمُسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم الوادي عليهم ناراً ، ولما حال الحول على النصارى حتى يهلكوا » (١) .
وفي هذا المجال ورد قوله سبحانه : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّـهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (٢) .
والمباهلة معجزة إسلامية خالدة ، يقوم بها الأمثل فالأمثل من الأُمة في مقام محاجة المخالفين من اليهود والنصارى وغيرهم ، ولا تختص بالنبي الأكرم .
إنّ بإمكان أصحاب النفوس الكاملة ، في مراتب التقوى والورع واليقين ، أن يباهلوا أعداء الدين ، ويدعوا عليهم بالدمار والهلاك ، ولن يمضي زمن إلّا وقد شملهم العذاب الإلهي .
وقد كان سيدنا العلامة الطباطبائي رحمه الله يرى هذا الرأي ويقول : « إنّ المباهلة معجزةٌ خالدةٌ للمسلمين يحتجون بها على صحّة عقائدهم وأُصولهم فمن يريد المباهلة فيما جاء به النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ، فأنّا على أتمّ الأُهبة والإستعداد لمباهلته ، فليُقْدم المخالف إذا شاء » .
ولعلّ الأستاذ الراحل أخذه من كلام الإمام الصادق عليه السلام ، حينما قال له أحد أصحابه : « إنّا نكلّم الناس فنحتجّ عليهم يقول الله عزّ وجل : ( أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) (٣) فيقولون : نزلت في أمراء السرايا . فنحتج عليهم بقوله عزّ وجل : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ ـ إلى آخر
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٤٥٢ ، طبعة صيدا .
(٢) سورة آل عمران : الآية ٦١ .
(٣) سورة النساء : الآية ٥٩ .