خاصة ، فعلى العلم وكشفه السلام ،
وعلى ذلك يصبح الدين ومعارفه وشرائعه علوماً صادقة نسبياً ، ولو تغيرت الظروف لتغيرت مفاهيم الدين ومعارفه وتشريعاته ، الى غيرها . فاي قيمة لدين هذا اساسه ، وأي وزن لمعارف إلهية لا تزال متزلزلة متغيرة بتغير الظروف . إن نظرية النسبية من أخطر الحبائل
التي طرحت أمام المتدينين والواقعيين ونحن لا نأتى عليها ـ هنا ـ بكلمة غير أنا نسأل أصحاب هذه الفكرة ـ ويا للاسف تحملها فلاسفة الغرب وأصحاب المناهج منهم ، لا سيما الحسيين ـ هل أن القول بامتناع اجتماع النقيضين وارتفاعهما ، واجتماع الضدين ، ومسألة العلية والمعلولية ، وانقسام المفاهيم إلى الممكن والواجب والممتنع ، من العلوم النسبية ؟ أفهل يحتمل هؤلاء أن للظروف الزمانية والمكانية ، والخصوصيات العالقة بذهن الإنسان ، تأثيراً في هذه القضايا بحيث لو خرج الإنسان عن هذه القيود لتصوّر هذه القضايا بشكل آخر ، فيجوِّز اجتماع النقيضين أو ارتفاعهما ، أو يجوز وجود المعلول بلا علّة ؟ . والعجب أن هؤلاء عندما يضفون على
عامة الإِدراكات لون النسبية وينكرون كل قضية صادقة على وجه الكلية والإِطلاق والدوام ـ إن هؤلاء أنفسهم بذلك يثبتون قضية كلية دائمة الصدق غير متلونة بلون ولا محدودة بخصوصية خارجية أو ذهنية حيث يقولون ليس لنا قضية صادقة مطلقة كلية ، فإن هذا القول منهم قضية مطلقة لا نسبية ، ولو كان هذا النفي ، نفياً نسبياً لاصبحت سائر القضايا مطلقة لا نسبية . إن التركيز على أن للانسان علوماً
مطلقة ، مضافاً إلى أن له علوماً نسبية يقتضي التركيز على نظرية المعرفة قبل كل شيء في علم الكلام ، فإن لتلك النظرية تأثيراً هاماً في جميع الأبحاث الكلامية ، وقد كان القدماء من المتكلمين يبحثون عنها في مقدمات كتبهم فهذا هو الإِمام الأشعري ، كتب بحثاً مطولاً عن السوفسطائيين في مقدمة مقالات الإِسلاميين ، وتبعه البغدادي في كتاب أُصول الدين ، وغيرهما من المتكلمين ، حتى أن الامام البزدوي رئيس الماتريدية في عصره ، خصّ فصلاً خاصا من كتابه في هذه النظرية .