مُنَفِّرة ، لأنّ قلّة الثواب (١) ممّا لا يقدح في صدق الرسل ولا في القبول منهم » ، وهو القاضي عبد الجبار (٢) .
٤ ـ وأمّا الأشاعرة ، فقد قال القوشجي : « المذهب عند محققي الأشاعرة منع الكبائر والصغائر الخسيسة بعد البعثة مطلقاً ، والصغائر غير الخسيسة عمداً لا سهواً » (٣) .
وأما قبلها ، فقد نقل القاضي الإيجي ـ وهو من الأشاعرة ـ أنّ الجمهور قال : « لا يمتنع أن يصدر عنهم كبيرة » (٤) .
٥ ـ وقالت الإمامية : « لا يجوز على الأنبياء صغيرة ولا كبيرة ، لا قبل البعثة ولا بعدها » (٥) .
هذه هي عمدة الأقوال المطروحة في المسألة ، وهناك أقوال أخر ضربنا عن نقلها صفحاً . والأولى لنا أن نتبع الدليل ، ونميل معه كيفما يميل ، والأدلة العقلية تثبت القول الأخير ، وإليك فيما يلي بيان أهمها .
__________________
(١) لم يعلم كنه قوله « قلّة الثواب » ، فإنّ ارتكاب الصغيرة موجب للبعد عن قرب الربّ ، وبالتالي فلا يخلو من العقاب المناسب ، فكيف ينحصر أثره في قلّة الثواب .
قال الشريف السيد المرتضى رحمه الله : « واعلم أنّ الخلاف بيننا وبين المعتزلة في تجويزهم الصغائر على الأنبياء صلوات الله عليهم ، يكاد يسقط عند التحقيق لأنّهم إنّما يجوّزون من الذنوب ما لا يستقرّ له استحقاق عقاب ، وإنّما يكون حظّه تنقيص الثواب ، على اختلافهم أيضاً في ذلك ، لأنّ أبا علي الجُبائي يقول : إنّ الصغير يسقط عقابه بغير موازنة . فكأنّهم معترفون بأنّه لا يقع منهم ما يستحقون به الذمّ والعقاب . وهذه موافقة للشيعة في المعنى ، لأنّ الشيعة إنّما تنفي عن الأنبياء عليهم السلام ، جميع المعاصي ، حيث كان كل شيء منها يستحق به فاعله الذمّ والعقاب . . . . فإذا كان استحقاق الذمّ والعقاب منفياً عن الأنبياء ، وجب أن ينفى عنهم سائر الذنوب » . ( تنزيه الأنبياء ، للشريف المرتضى ، ص ٢ ) .
(٢) شرح الأُصول الخمسة ، للقاضي عبد الجبار ، ص ٥٧٣ ـ ٥٧٥ .
(٣) شرح التجريد للقوشجي ، ص ٤٦٤ .
(٤) المواقف ، صفحة ٣٥٩ .
(٥) كشف المراد ، ص ٢١٧ ، طبعة صيدا . والمواقف ، ص ٣٥٩ .