وقال أيضاً في الرسالة السَّعْدِيَّة : « لو جاز عليه السهو والخطأ ، لجاز ذلك في جميع أقواله وأفعاله ، فلم يبق وثوق بإخباراته عن الله تعالى ، ولا بالشرائع والأديان ، لجواز أن يزيد فيها وينقص ، فتنتفي فائدة البعثة ، ومِنَ المعلوم بالضرورة أنّ وصف النبي بالعصمة أكمل وأحسن من وصفه بضدها ، فيجب المصير إليه ، لما فيه من دفع الضرر المظنون بل المعلوم » (١) .
وقال الشهيد الأول (٢) في الذكرى ، بعد ذكره خبر ذي اليدين : « وهو متروكٌ بين الإمامية لقيام الدليل العقلي على عصمة النبي عن السهو » (٣) .
وقال الفاضل المقداد(٤) : « لا يجوز على النبي صلى الله عليه وآله السهو مطلقاً ، أي في الشرع وغيره . أمّا في الشرع ، فلجواز أنّ لا يؤدّي جميع ما أُمر به ، فلا يحصل المقصود من البعثة . وأمّا في غيره ، فإنّه يُنَفِّر » (٥) .
وقال الشيخ بهاء الدين العاملي (٦) ـ عندما سأله سائل عن قول ابن بابويه إنّ النبي قد سهى ـ : « بل ابن بابويه قد سها ، فإنّه أولى بالسهو من النبي » (٧) .
وقد ألّف غير واحد من الأصحاب كتباً ورسائل في نفي السهو عن النبي منها : رسالة الشيخ المفيد (٨) ، ورسالة إسحاق بن الحسن الأقْرائي (٩) ، ورسالة الحر العاملي (١٠) المُسمّاة بـ « التنبيه بالمعلوم من البرهان على تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان » . وقد فصل العلامة المجلسي ( م ١١١١ ) في البحار ، الكلام في
__________________
(١) الرسالة السَّعدِيَّة ، ص ٧٦ ، طبعة النجف .
(٢) محمد بن مكي العاملي ، ت ٧٣٤ ـ م ٧٨٦ .
(٣) الذكرى ، ص ١٣٤ .
(٤) أبو عبد الله المقداد بن عبد الله الأسدي السيوري الحلي ، م ٨٢٦ .
(٥) إرشاد الطالبين ، ص ٣٠٥ .
(٦) محمد بن الحسين بهاء الدين العاملي ، ت ٩٥٣ ـ م ١٠٣٠ .
(٧) التنبيه على المعلوم من البرهان ، ص ١٣ .
(٨) أدرجها العلّامة المجلسي في البحار ، لاحظ ج ١٧ ، ص ١٢٢ ـ ١٢٩ .
(٩) رجال النجاشي ، رقم الترجمة ١٧٨ .
(١٠) محمد بن الحسن الحرّ العاملي ، المحدث المعروف ، م ١١٠٤ .