ورابعاً ـ إنّ إنكاره قول ذي اليدين مستلزم لتجويز سهوين عليه ، مكان تجويز سهو واحد ، وهو أيضاً عجيب في موردٍ واحدٍ .
وخامساً ـ الظاهر أنّ سهو الرسول في الصلاة ، واقعةٌ واحدةٌ ، فاختلاف السهو بين الزيادة والنقصية ، واختلاف الإعتراض بين قولهم : « أَقَصَرْتَ الصلاة أم نسيت ؟ » ، وقولهم « أَزِيدَ في الصلاة ؟ » ، كما في رواية الترمذي من القسم السابع من الروايات ، تناقض واضح .
وسادساً ـ اضطراب الروايات في بيان زمن التذكير ، فإنّ في بعضها أنّه كان بعد الصلاة بلا فصل ، وفي أُخرى بعد قيامه من الصلاة واستناده إلى خشبة في المسجد ، وفي ثالثة بعد دخوله حجرته . فما هذا التناقض مع كون الواقعة واحدة كما يظهر من مجموع ما تهدف إليه الروايات .
وسابعاً ـ في ذيل الرواية الخامسة ، أنّه بعدما ذكر ذو اليدين صنيع رسول الله من السهو : فخرج غضبان يجرّ رِدائه حتى انتهى إلى الناس فقال : أصدق هذا ، قالوا : نعم . فصلّى ركعة ثم سجد سجدتين .
ففي هذه الرواية ذكر الغضب بعد تنبيه ذي اليدين ، بينما في الرواية التي أخرجها أبو داود أنّ الغضب كان متقدِّماً على تنبيهه .
وثامناً ـ ما منشأ غضب رسول الله ؟ هل هو تنبيه ذي اليدين ؟! لا وجه له . مع أنّ الغضب لهذا الشأن لا يناسب قوله سبحانه في حقّ نبيه : ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (١) .
وَمُجْمل المقال إنّ هذه الروايات (٢) مع ما فيها ممّا ذكرناه ولم نذكره ، لا يصحّ أن تقع سناداً للعقيدة .
* * *
__________________
(١) سورة القلم : الآية ٤ .
(٢) لاحظ مجموع ما نقلناه من مقاطع الروايات ، جامع الأصول ، ج ٦ ، ص ٣٤٦ ـ ٣٥٧ .