ومن المعلوم أن القيادة في هذا الإطار الواسع لا تتسنى إلّا لمن كان ذا مواهب كثيرة في الإدارة والتدبير وحسن الولاية ، يقدر معها على القيام بتلك المسؤولية . ويجمعها ما يسميه السياسيون في مصطلح اليوم بالنضج العقلي والرُشد السياسي ، وبدونه لن يقوم للحكومة عمود ، ولن يَخْضَرّ لها عود . ولأجل ذلك أثر عن النبي الأكرم أنّه قال : « لا تَصْلُح الإمامة إلّا لرجل فيه ثلاث خصال :
١ ـ ورع يحجزه عن معاصي الله .
٢ ـ وحِلْمٌ يملك به غضبه .
٣ ـ وَحُسْنُ الولاية على من يلي حتى يكون كالأب الرحيم » (١) .
وقال الإمام علي عليه السلام : « أَيُّها الناس إنّ أحقَّ الناس بهذا الأمر أقْوَمُهم ( وفي رواية أقواهم ) وأعلمهم بأمر الله ، فإن شَغَب شاغِبٌ أُستُعْتِب ، وإِنْ أبى قُوتِل » (٢) .
* * *
ثم إنّ جمعاً من المتكلمين التزموا بوجود سمات أخرى في الأنبياء وراء ما ذكرنا ، ككونهم أشجع الناس وأعلمهم بالعلوم كافة ، وأزهدهم وأعبدهم ونحو ذلك .
ولعلّ هذه الأوصاف من سمات من بعث لكافة الناس وهم على المشهور خمسة : نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، والنبي الأعظم عليهم السلام . وعلى التحقيق هو نبي الإسلام صلى الله عليه وآله (٣) .
إلى هنا تمّ البحث عن النُبوّة العامة التي تختص أبحاثها بنبُوّة نبي معين ، وحان وقت البحث عن النبوة الخاصة ، المختصة مباحثها بنبوة نبي الإسلام ، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله .
* * *
__________________
(١) الكافي ، ج ١ ، ص ٤٠٧ .
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ١٧٢ .
(٣) لاحظ مفاهيم القرآن ، ج ٣ ، ص ٧٧ ـ ١١٦ .