قال : « جالس في الحجر ، وإنّهم لا يخرجون من شِعْبِهِمْ إلّا في الموسم ، فلا تسمع منه ولا تكلّمه ، فإنّه ساحر يسحرك بكلامه » .
وكان هذا في وقت محاصرة بني هاشم في الشعب .
فقال له أسعد : « فكيف أصنع وأنا معتمر ، لا بُدَّ لي أَن أطوف بالبيت » .
فقال : « ضع في أُذُنَيْكَ القُطُن » .
فدخل أسعد المسجد ، وقد حشا أُذنيه من القُطن ، وطاف بالبيت ، ورسول الله جالس في الحجر ، مع قوم من بني هاشم . فنظر إليه نظرة ، فجازه . فلما كان في الشوط الثاني ، قال في نفسه : « ما أَجد أَجْهَلَ مني . أيكون مثل هذا الحديث بمكة فلا أعرفه ، حتى أرجع إلى قومي فأُخبرهم » ، ثم أخذ القُطُن من أُذنيه ورمى به . فلما وصل إلى رسول الله ، قال له : « أَنْعِمْ صباحاً » .
فرفع رسول الله رأسه إليه ، وقال : « قد أَبْدَلَنا الله به ما هو أحسن من هذا ، تحية أهل الجنة : السلام عليكم » . .
فقال له أسعد : « إنّ عهدك بهذا القريب . إلى مَ تدعو يا محمد » ؟ .
قال : « إلى شهادة أنّ لا إله إلّا الله ، وأَنّي رسول الله » .
ثم قرأ هاتين الآيتين :
( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ، أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ، نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ، وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ، وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ، وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ، وَبِعَهْدِ اللَّـهِ أَوْفُوا ، ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ (١) .
__________________
(١) سورة الأنعام : الآيتان ١٥١ ـ ١٥٢ .