( لِرَبِّكَ ) .
وقصد بذلك ، التعريفَ بدين « العاصي » وأشباهه ، ممّن كانت عبادته ونحره لغير إلهه ، وبالتالي لتثبيت قدمي رسول الله على صراطه المستقيم ، وإخلاصه العبادة لوجهه الكريم .
وقال : « لربك » ولم يقل « لنا » ، فصرف الكلام عن لفظ المضمر إلى لفظ المظهر ، إظهاراً لكبرياء شأنه ، وإنافةً لعزّ سلطانه . ومنه أخذ الخلفاء قولهم : يأمرك أمير المؤمنين بالسمع والطاعة ، وينهاك أمير المؤمنين عن مخالفة الجماعة .
وعلّم ، بالأمر بالصلاة للرب ، أنّ مِنْ حَقِّ العبادة أن يَخُصَّ بها العبادُ ربَّهم ومالكهم ، ومن يتولى معايشهم ومهالكهم . وعرّض بخطأ من سفّه نفسه ، ونقض لبّه ، وعبد مربوباً ، وترك عبادة ربّه .
( وَانْحَرْ ) .
أشار بالأمر بالنحر ، بعد الأمر بالصلاة ، إلى قسمين من العبادات ، فالقسم الأول عمل بدني ، والصلاة إمامها . والثاني عمل مالي ، ونحر البدن سنامُها .
ونبّه على ما لرسول الله من الإختصاص بالصلاة التي جعلت لعينه قُرّة ، وبنحر البدن التي كانت همته متطاولة إليها .
قال : « وانحر » ، ولم يقل « وانحر له » ، رعايةً لفواصل الآيات ، وهو أمر مطلوب إذا سيق المتكلم ، إليه ، بلا تكلّف .
( إِنَّ شَانِئَكَ ) .
عنى بالشانيء : « السهمي » . وإنّما ذكره بوصفه لا باسمه ، ليتناول كلّ من كان مثل حاله . وأعرب بذلك عن أنّ عدوه لم يقصد بوصفه بالأبتر ، الإفصاح بالحق ، ولم ينطق إلّا عن الشنآن الذي هو توأم البغي والحسد ، وعن البغضاء التي هي نتيجة الغيظ ، فبذلك وسمه بما ينبيء عن المقت الأشدّ ، ويدلّ على حنق الخصم الألدّ .