العدو في مُغَوّاتِه (١) التي حفر ، وصَلْيه بحر ناره التي سَعَر ( إنّ شانئك هو الأبتر ) » .
وإليك بيان نكات آياته الثلاث :
( إِنَّا ) .
تأَمَّل كيف من أُسند إليه إسداء هذه العطية والموهبة السنية ( الكوثر ) ، هو ملك السموات والأرض ، ومالك البسط والقبض . فدلّ بذلك على عظمة المعطي والمُعْطَى ، من المعلوم أنّه إذا كان المعطي كبيراً ، كان العطاء كثيراً .
وجمع ضمير المتكلم ، فأعلم بذلك عظم الربوبية .
( أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) .
استعمل لفظ الماضي مكان المستقبل ، مع أنّ الكوثر كما يتناول عطاء العاجلة ، يتناول عطاء الآجلة ، وذلك لأنّ المُتوقَّع من سيب الكريم ، تحققه على وجه القطع والبت .
وجاء بالكوثر محذوف الموصوف ، لأنّ المثبت ليس فيه ما في المحذوف من فرط الإبهام والشياع .
واختار الصفة المؤذنة بإفراط الكثرة ، المُبِينة عن المعطيات الوافرة ، وصدّرها باللام لتكون كاملة في إعطاء معنى الكثرة .
والمراد من الكوثر ، أولاده حسماً للشبهة ، وقطعاً لدعوى الخصم .
( فَصَلِّ ) .
عَقَّب إبهامه الكوثر ، بالفاء ، ليكون دليلاً لمعنى التسبيب ، فالعطاء الأكثر ، يستلزم الشكر الأوفر .
__________________
(١) حفرة كالزيبة ، تحفر للذئب ، ويجعل فيها جدي إذا نظر إليه سقط عليه يريده . ومنه قيل لكل مهلكة مغوَّاة . ( لاحظ النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٩٨ ، مادة غوي ) .