فترى أنّه يستدلّ في هذه الآيات على التوحيد في التدبير ، وأنّ النظام الجُمَلي يدار بمدبّر واحد لا غير .
ج ـ إنّ القرآن يستدلّ على إمكان المعاد وعود الإنسان إلى الحياة ثانياً بطرق مختلفة ، بشكل يقنع المتحري للحقيقة ، المتجرّد عن العناد . وإليك نظرة عابرة عليها .
فتارة يستدلّ عن طريق عموم القدرة على كل شيء ، على إمكان المعاد ، ويقول : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (١) .
وأخرى عن طريق قياس الإعادة على الحياة الأولى ، ويقول : ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ) (٢) .
وثالثة عن طريق قياس إمكان إحياء الموتى بإحياء الأرض ـ بعد موتها ـ بالمطر والنبات ، ويقول : ( وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ ) (٣) .
ورابعة عن طريق قياس قدرة الإعادة ، على القدرة على إخراج النار من الشجر الأخضر ، ويقول : ( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ ) (٤) .
وخامسة عن طريق الإستدلال بالوقوع على إمكان العود . فإن أدلّ دليل على إمكان الشيء وقوعه ، ولأجل ذلك نقل سبحانه قصة بقرة بني إسرائيل (٥) وحديث عُزَيْر (٦)
__________________
(١) سورة الأحقاف : الآية ٣٣ .
(٢) سورة الأنبياء : الآية ١٠٤ .
(٣) سورة الروم : الآية ١٩ .
(٤) سورة يس : الآيتان ٧٩ و ٨٠ . وسيوافيك مفاد الآية بشكل ألطف مما ذكر كثير من المفسّرين . ورائدنا فيه التدبير في ذيل الآية .
(٥) سورة البقرة : الآيات ٦٧ ـ ٧٣ .
(٦) سورة البقرة : الآية ٢٥٩ .