للإعجاز ـ : « فلم يَبْقَ إلّا النظم ، وليس هو شيئاً غير توخي معاني النحو ، وأحكامه . وإنّا إن بقينا الدهر نُجهد أفكارنا حتى نعلم للكلم المفردة سلكاً ينظمها ، وجامعاً يجمع شملها ، ويؤلفها ، ويجعل بعضها بسبب من بعض ، غير توفّي معاني النحو وأحكامه فيها ، طلبنا ما كلُّ محال دونه » (١) .
وكلامه هذا لا ينافي ما ذكرناه ، لأنّه يرمي إلى أنّ الإنسجام التام بين جمل الآية حصل في ظل تحقيق هذه القواعد ورعايتها فيها .
وقال الزملكاني : « إنّ وجه الإعجاز يرجع إلى التأليف الخاص به ، بأن اعتدلت مفرداته تركيباً وزِنَةً ، وعلت مركباته معنىً ، بأن يوقع كل فن في مرتبته العليا في اللفظ والمعنى » (٢) .
ثم ليعلم أنّ الكلام يقوم على ثلاثة أشياء :
١ ـ لفظ حامل .
٢ ـ معنى قائم باللفظ .
٣ ـ ورباط لهما .
وهذه الأمور الثلاثة توجد في القرآن على الوجه الأحسن ، فالألفاظ عذبة ( الدعامة الأولى ) ، والمعاني سامية وراقية ( الدعامة الثانية ) ، والكلمات والجمل مترابطة ومتلاحمة أشدّ التلاحم والتشاكل ، وهذه هي الدعامة الثالثة التي نبحث فيها .
ونحن نبحث في تبيين النظم القرآني في مقامين :
الأول : إنسجام الجمل والكلمات ، وتعانقها .
الثاني : وضع كل كلمة موضعها .
* * *
__________________
(١) دلائل الإعجاز ، ص ٣٠٠ . وثلاث رسائل ، الرسالة الشافية لعبد القاهر الجرجاني ، ص ١٨٤ .
(٢) الإتّقان في علوم القرآن ، ج ٤ ، ص ٨ .