منعهم بمنعٍ وعجزٍ أَحدثهما فيهم » (١) .
وقال أيضاً في إعجاز القرآن : « وإِنَّه من حيث الإخبار عن الأُمور الماضية ومنع العرب عن الإهتمام به جبراً وتعجيزاً ، حتى لو خلّاهم لكانوا قادرين على أن يأتوا بسورة من مثله ، بلاغةً وفصاحةً ونظماً » (٢) .
٢ ـ وقال أبو الحسن علي بن عيسى الرماني ( ت ٢٩٦ ـ م ٣٨٦ ) : « أمّا الصَّرْفة فهي صرف الهمم عن المعارضة ، وعلى ذلك كان يعتمد بعض أَهل العلم في أنّ القرآن معجز من جهة صرف الهمم عن المعارضة ، وذلك خارج عن العادة ، كخروج سائر المعجزات التي دلّت على النبوة ، وهذا عندنا أحد وجوه الإعجاز التي يظهر منها للعقول » (٣) .
٣ ـ وقال أبو سليمان حمد بن محمد إبراهيم الخطابي ( ت ٣١٩ ـ م ٣٨٨ ) : « وذهب قوم إلى أنّ العلّة في إعجازه الصَّرفة أي صرف الهِمَم عن المعارضة ، وإن كانت مقدوراً عليها ، غير معجوز عنها ، إلّا أنّ العائق من حيث كان أمراً خارجاً عن مجاري العادات ، صار كسائر المعجزات فقالوا : ولو كان الله عز وجل بعث نبياً في زمان النبوات ، وجعل معجزته في تحريك يده أو مَدّ رجله في وقت قعوده بين ظهراني قومه ، ثم قيل له ما آيتك فقال آيتي أن أُخرج يدي أو أَمُدّ رجلي ولا يمكن أحداً منكم أن يفعل مثل فعلي ، والقوم أصحاء الأبدان ، لا آفة بشيء من جوارحهم ، فحرّك يده أو مدّ رجله فراموا أن يفعلوا مثل فعله ، فلم يقدروا عليه ، كان ذلك آيةً دالّة على صدقه . وليس ينظر في المعجزة إلى عظم حجم ما يأتي به النبي ، ولا إلى فخامة منظره ، وإنّما تعتبر صحتها خارجاً عن مجرى العادات ناقضاً لها ، فمهما كانت بهذا الوصف ، كانت آية دالّة على صدق من جاء بها . وهذا أيضاً وجه قريب » (٤) .
__________________
(١) نقله الأشعري في : « مقالات الإسلاميين » ج ١ ، ص ٢٢٥ . ولاحظ « الطراز » ، ج ٣ ، ص ٣٩١ ـ ٣٩٥ ، ط مصر سنة ١٣٣٢ هـ ـ ١٩١٤ م .
(٢) نقله الشهرستاني في « المِلَل والنِحَلْ » ، ج ١ ، ص ٥٦ ـ ٥٧ .
(٣) النكَت في إعجاز القرآن ، ص ١٠١ .
(٤) بيان إعجاز القرآن ، للخطابي ، ص ٢١ . غير أنه يشير في ذيل كلامه إلى أنّ هذه النظرية يخالفها قوله سبحانه : ( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ ) الآية . وسيوافيك نصّه عند نقد النظرية .