يقول عليه السلام : « فبعث فيهم رُسُلَه ، وواتر إليهم أَنبيائه ، ليستأدوهم ميثاق فطرته ، ويذكروهم مَنْسِيَّ نعمته ، ويحتجوا عليهم بالتبليغ ، ويثيروا لهم دفائن العقول . . . » (١) .
فمثل الانبياء على هذا التقدير ، مثل المهندس الزراعي ، فكما أنه ليس له دور في خلق الثمار على الأشجار وإِظهارها على الأغصان ، وانما ينحصر دوره في إخصاب الأرض وتهيئتها لتُظهِر الشجرة ثمارها وفواكها ، فهكذا الأنبياء بتعاليمهم السماوية ، فإن دورهم تهيئة الإِنسان ليُبرز ما تعلّمه في مدرسة الفطرة من الأصول والمعارف التي تدعو إلى العدل والقسط ، ونبذ الظلم والتعدي وغيرها .
نعم ، للأنبياء ـ على تقدير آخر ـ دور التعليم ، وذلك في الوظائف الفرعية في مجال العبادات والمعاملات إذ لولاهم لما وقف الإِنسان على طرق عبادة الله تعالى ، وكيفية سلوكه مع بني نوعه في مقام المعاملة .
* * *
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة الاولى .