وأمّا السنة الشريفة ، فيكفي في ذلك قوله صلى الله عليه وآله ، في الخطاب الذي ألقاه في داره ، حينما وفد إليه أعمامه وأخواله ، ومن كانت له به صلة : « والله الذي لا إله إلّا هو ، إِنّي رسولُ الله إليكم خاصة ، وإلى الناس عامةً » (١) .
وأمّا في سيرته في حقل الدعوة ، فيكفي في ذلك وثائقة السياسية ، ومكاتيبه التي وجّهها إلى أصحاب العروش وملوك العالم ، كَكِسرى مَلِك الفُرس ، وقَيْصر مَلِك الروم ، والمقوقس عظيم القِبْط ، والنجاشي ملك الحبشة ، وغيرهم (٢) .
هذا ، وإنّ الإسلام حارب العصبية ، والنعرات الطائفية ، في ظل وحدات ثمان ، أعني : وحدة الأُمة ، وحدة الجنس البشري ، وحدة الدين ، وحدة التشريع ، وحدة الأُخوة الروحية ، وحدة الجنسية الدولية ، وحدة القضاء ، ووحدة اللغة العربية ، وهو القائل :
« أيّها الناس ، إنّ الله أذهب عنكم نَخْوَة الجاهلية وتفاخُرَها بآبائها ، ألا إنّكم من آدم ، وآدم من طين ، ألا إنّ خير عباد الله عبدٌ اتَّقاه » .
وهو القائل : « إنّ العربية ، ليست بأبٍ والد ، ولكنها لسان ناطق ، فمن قَصرُ عملُه ، لم يَبْلُغ به حَسَبُه » .
وهو القائل : « إنّ الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا مِثْل أَسنان المِشْط ، لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ على عَجَمِيٍّ ، ولا لأَحْمَرَ على أَسْوَدَ ، إِلَّا بالتقوى » .
وهو القائل : « إنّما الناس رجلان ، مؤمن تقي كريم على الله ، وفاجر شقي هيِّن على الله » (٣) .
أَفَيَصِحُّ بعد هذه الكَلِم الدُّرِّيَّة ، رَمْيُ رسالته ، بالطائفية ، والعنصرية ، والإقليمية ؟ .
__________________
(١) الكامل لابن الأثير ، ج ٢ ، ص ٤١ ، وغيره .
(٢) لاحظ للاطلاع على هذه النصوص ، « مكاتيب الرسول » ، ج ١ ، ص ٩١ ـ ٢٤٠ .
(٣) راجع للوقوف على مصادر هذه الكلمات : السيرة النبوية ، ج ٢ ، ص ٤١٢ . وبحار الأنوار ، ج ٢١ ، ص ١٠٥ .