فأشار في هذا البيت إلى الوجهين ، وأنّه بالكسر إسم فاعل ، وبالفتح إسمٌ بمعنى ما يختم به .
وقال البيضاوي : « وخاتم النبيين : آخرهم الذي ختمهم » (١) .
وفي هذا إشارة إلى المعنى الثالث .
ثم إنّ الختم له أصل واحد ، وهو بلوغ آخر الشيء ، يقال : ختمت العمل ، وختم القاريء السورة . والختم ، وهو الطبع على الشيء ، فذلك من هذا الباب أيضاً ، لأنّ الطبع على الشيء لا يكون إلّا بعد بلوغ آخره (٢) .
وقد جاء هذا اللفظ في القرآن في موارد لا يشذّ واحد منها عن هذا الأصل ، فمن ذلك .
قوله تعالى : ( يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ) (٣) ، أي من الشراب الخالص الذي لا غش فيه ، تختم أوانيه وتسدّ بمسك .
وقوله تعالى : ( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ ، وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (٤) . أي نطبع على أفواههم ، فتوصد ، وتتكلم أيديهم وأرجلهم .
فاتضح مما ذكرناه ، أنّ الآية صريحة في أنّ النبي الأكرم ، نهاية سلسلة الأنبياء ، وأنّه قد ختم بنبوته باب النبوة وأوصده إلى يوم القيامة .
__________________
(١) أنوار التنزيل ، في تفسير سورة الأحزاب ، الآية ٤٠ .
(٢) مقاييس اللغة ، مادة « ختم » .
(٣) سورة المطففين : الآيتان ٢٥ و ٢٦ .
(٤) سورة يس : الآية ٦٥ ، والبقرة : الآية ٧ ، والأنعام : الآية ٤٦ ، والشورى : الآية ٢٤ ، والجاثية : الآية ٢٣ .