إيمانهم ودينهم ، فزاد الله من هداه في حقّهم ، وَرَبط على قلوبهم ، كما في الآية التالية :
٧ ـ وقال سبحانه : ( وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَـٰهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ) (١) .
إلى غير ذلك من الآيات التي تعرب عن عدم إيصاد هذا الباب .
ثم إنّ في السنّة النبوية الشريفة ، والخطب العَلَوية ، تصريحات وإشارات إلى انفتاح هذا الباب .
فمن ذلك ما روَته الصحاح عن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال :
« لَقَد كان فيمن قَبْلَكُم من بني إسرائيل رجال يُكَلَّمونَ من غير أَنْ يكونوا أنبياء » (٢) . وهذا هو المُحَدَّث في مصطلح أهل الحديث . وقد تضافرت الروايات على أنّ مريم وفاطمة وعلياً عليهم السلام كانوا مُحَدَّثين .
ويقول الإمام علي عليه السلام في كلام له ، يحكي فيه عن صاحب التقوى : « قد أَحيا عَقْلَهُ ، وأَمات نَفْسَهُ ، حتى دَقَّ جَليلُهُ ، وَلَطُفَ غَليظُهُ ، وَبَرَقَ لَهُ لَامِعٌ كثيرُ البَرْقِ ، فَأَبانَ لَهُ الطَّريقَ ، وَسَلَكَ به السَّبِيلَ ، وَتَدَافَعَتْهُ الأَبْواب إلى بابِ السلامةِ ، ودارِ الإقامةِ ، وَثَبَتَتْ رِجْلاهُ بِطُمَأْنينَةٍ في بَدَنِهِ في قرار الأمن والراحة ، بما استعملَ قَلْبَه ، وأَرضى رَبَّه » (٣) .
ويقول عليه السلام ، في كلمة أخرى تعرب عن رأي الإسلام في هذه المجال ، قالها عند تلاوته قوله سبحانه : ( يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ ) قال : « إنّ الله سبحانه جعل الذِّكر جلاءً للقلوب ، تَسْمع به بعد الوَقْرَة ، وتبْصِر به بعد العَشْوة ، وتنقاد به بعد المعاندة ، وما برح لله ـ عزّت آلاؤه ـ في البُرهة بعد البُرهة ، وفي أزمان الفترات ، عباد
__________________
(١) سورة الكهف : الآية ١٤ .
(٢) صحيح البخاري ، ج ٢ ، ص ١٤٩ .
(٣) نهج البلاغة ، الخطبة ٢١٥ .