لم يكن الفتى يوشع بن نون ، لاتجه ما ذكره .
وقال في الآية الثانية : « وقيل في معنى نسيت ثلاثة أقوال :
أحدها : ما حكي عن أبيّ بن كعب أنّه قال : « معناه بما غفلت ، من النسيان الذي هو ضدّ الذكر » .
والثاني : ما روي عن ابن عباس أنّه قال : « معناه بما تركت من عهدك » .
والثالث : لا تؤاخذني بما كأنّي نسيته ، ولم ينسه في الحقيقة ـ في رواية أخرى عن أبيّ بن كعب » (١) .
واختار العلّامة الطباطبائي في ميزانه وقوع النسيان من موسى في المورد الأول على حقيقته ، قال : « فمعنى نسيا حوتهما بنسبة النسيان إليهما معاً : نسيا حال حوتهما ، فموسى نسي كونه في المكتل فلم يتفقده ، والفتى نسيه إذ لم يخبر موسى بعجيب ما رأى من أمره .
ثم قال في ذيل قول فتاه : ( أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ) ، « ولا ضير في نسبة الفتى نسيانه إلى تصرف من الشيطان بناء على أنّه كان يوشع بن نون النبي ، والأنبياء في عصمة إلهية من الشيطان لأنّهم معصومون مما يرجع إلى المعصية ، وأما مطلق إيذاء الشيطان فيما لا يرجع إلى معصية فلا دليل يمنعه .
قال تعالى : ( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ) (٢) .
وحمل النسيان في المورد الثّاني على ضرب من الاعتذار (٣) .
والذي يمكن أن يقال جمعاً بين ما أفاده العلمان ، أن كون الفتى هو يوشع بن نون النبي غير مسلّم ـ وإن جاء في رواية العياشي عن أبي حمزة البطائني عن أبي
__________________
(١) المصدر السابق ، ص ٧٤ .
(٢) سورة ص : الآية ٤١ ، الميزان ، ج ١٣ ، ص ٣٣٩ ـ ٣٤١ .
(٣) المصدر السابق ، ص ٣٤٤ .