الجواب
إنّ المعترض خَلَطَ بين عدم وجود العلّة المادية التي اعتاد عليها الإنسان في حياته ، وعدم العلّة على الإطلاق . فالذي يناقض قانون العلّية هو القول بأنّ المعجزة ظاهرة إتفاقية لا تستند إلى علّة أبداً . وهذا مما لا يقول به أحد من الإلهيين .
وأمّا القول بعدم وجود علّة مادية متعارفة للمعجزة ، فليس هو بإنكار لقانون العلية على الإطلاق ونفياً للعلّة من الأساس ، وإنّما هو نفي دور وتأثير قسم خاص من العلل ، ونفي الخاص لا يكون دليلاً على نفي العام .
وهذا القسم الخاص من العلل ، المنفي في مورد المعجزة ، هو العلل المادية المتعارفة التي أنس بها الذهن ، ووقف عليها العالِم الطبيعي ، واعتاد الإنسان على مشاهدتها في حياته . ولكن لا يمتنع أن يكون للمعجزة علّة أخرى لم يشاهدها الناس من قبل ، ولم يعرفها العلم ، ولم تقف عليه التجربة ، وبعبارة أخرى ، كون المعجزة معلولاً بلا علّة شيءٌ ، وكونها معلولةٌ لعلّة غيرِ معروفةٍ للناس والعلمِ شيءٌ آخر . والباطل هو الأول ، والمُدّعى هو الثاني ، وسيوافيك الكلام فيه في الجهة الثالثة .
* * *