المسيح البشرية ، وكذلك إبراء الأكمه والأبرص ، وإحياء الموتى ، وكل ذلك بإذن الله تعالى ومشيئته .
وبعد هذا كله ، أيبقى شك في قدرة الأنبياء الشخصية على خرق العادة ، وتكييف الطبيعة حسب ما يريدون ؟ .
بل ماذا يفهم الإنسان إذا قرأ هذه الآية ـ التي تنقل مخاطبة يوسف عليه السلام إخوتَه ـ : ( اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا . . . ) (١) .
والآية التالية تبين نتيجة أمره : ( فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا . . . ) (٢) .
فما هو العامل المؤثّر في استرجاعه بَصَرَهُ ، بعد ما ابيضت عيناه من الحزن ؟ .
هل هو قميص الملطخ بالدم ؟ أو حامل البشارة والقميص ؟ (٣) .
ليس هذا ولا ذاك ، بل هو نفس إرادته الزكية المؤثّرة بإذن الله ، وعندما تقتضي المصلحة الإلهية ذلك . وإنّما توسّل بالقميص ليعلم أنّه هو القائم بذلك .
فاتّضح من جميع ما ذكرناه من الآيات والشواهد أنّ للمعجزة علّةً إلهيةً متمثلةً في نفوس الأنبياء وإرادتهم القاهرة . وليست إرادتهم هذه فوضوية ، وإنّما لظهورها ظروف وشرائط خاصة سيأتي بيانها بإذنه تعالى .
* * *
__________________
(١) سورة يوسف : الآية ٩٣ .
(٢) سورة يوسف : الآية ٩٦ .
(٣) في الروايات ، أنّ حامله كان أحد إخوته .