ولقول الصادق عليهالسلام في قول الله عزّ وجلّ ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ ) قال : « الباغي باغي الصيد ، والعادي السارق ، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرّا إليها ، هي حرام عليهما ، ليس هي عليهما كما هي على المسلمين ، وليس لهما أن يقصّرا في الصلاة » (١).
ولأنّ السفر سبب لتخفيف الصلاة إذا كان مباحا ، فلا يكون سببا وهو معصية ، كالتحام الحرب.
وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي والمزني : يجوز القصر وجميع الرخص في ذلك ، لأنّه لو غصب خفّا ، كان له المسح عليه وإن كان عاصيا بلبسه كذا هنا (٢).
والمسح على الخفّ عندنا باطل. ولأنّ سبب الرخصة السفر ولبس الخفّ شرط وليس بسبب. ولأنّ المعصية لا تختص بلبسه ، فإنّه غاصب وإن نزعه.
إذا عرفت هذا ، فإن الوجه : أنّ العاصي لا يترخّص بأكل الميتة ، وبه قال الشافعي وأحمد (٣) ، خلافا لأبي حنيفة ، احتجّ : بأنّ منعه يؤدّي إلى تلف نفسه وهو حرام (٤).
ويبطل بأن يتوب ويرجع عن سفره ، فيحلّ له أكل الميتة ، فلا يؤدّي إلى تلفه.
ولا رخصة عندنا غير القصر في الصلاة ، والصوم وأكل الميتة.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٣٨ ـ ٧ ، التهذيب ٣ : ٢١٧ ـ ٥٣٩.
(٢) المجموع ٤ : ٣٤٤ و ٣٤٦ ، فتح العزيز ٤ : ٤٥٦ ، المغني ٢ : ١٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٩٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٢.
(٣) المجموع ١ : ٤٨٥ ـ ٤٨٦ و ٤ : ٣٤٥ ، فتح العزيز ٤ : ٤٥٧ ـ ٤٥٨ ، المغني ٢ : ١٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٩٢ ، الانصاف ٢ : ٣١٦.
(٤) أحكام القرآن للجصاص ١ : ١٢٨ ، المجموع ٤ : ٣٤٦.