وما قلناه أشبه بالكتاب ، وأحوط للصلاة ، وأولى للحرب ، لأنّ قوله : ( فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ ) (١) يقتضي أن يسجدوا بعد صلاتهم معه ، وذلك هو الركعة الأخرى.
وقوله ( وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ ) (٢) يقتضي أنّ جميع صلاتها معه ، وعنده تصلّي معه ركعة ، وعندنا جميع صلاتها معه إحدى الركعتين توافقه في أفعاله وقيامه ، والثانية تأتي بها قبل سلامه ، ثم تسلّم معه.
ومن مفهوم قوله ( لَمْ يُصَلُّوا ) أنّ الطائفة الأولى قد صلّت جميع صلاتها ، وعلى قولهم لم تصلّ إلاّ بعضها.
وأمّا الاحتياط للصلاة : فإنّ كل طائفة تأتي بصلاتها متوالية بعضها يوافق الإمام فيها فعلا ، وبعضها يفارقه ، وتأتي به وحدها كالمسبوق ، وعنده تنصرف في الصلاة ، فإمّا أن تمشي وإمّا أن تركب. وهذا عمل كثير ، وتستدبر القبلة.
وهو ينافي الصلاة ، وتفرّق بين الركعتين تفريقا كثيرا بما ينافيها.
ثم جعلوا الطائفة الأولى مؤتمّة بالإمام بعد سلامه. ولا يجوز أن يكون المأموم مأموما في ركعة يأتي بها بعد سلام إمامه.
وأمّا الأولوية للحرب : فإنّه يتمكّن من الضرب والطعن وإعلام غيره بما يراه ممّا خفي عليه من أمر العدوّ ، وتحذيره ، وإعلام الذين مع الإمام بما يحدث ، ولا يمكن على قولهم ذلك.
ولأنّ مبنى صلاة الخوف على التخفيف ، لأنّهم في موضع الحاجة إليه.
وعلى قولهم تطول الصلاة أضعاف حال الأمن ، لأنّ كلّ طائفة تحتاج إلى المضيّ إلى مكان الصلاة ، والرجوع إلى لقاء العدوّ ، وانتظار مضيّ
__________________
(١) النساء : ١٠٢.
(٢) النساء : ١٠٢.