______________________________________________________
عز وجل ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١) » (٢) فغير ظاهر في القليل بمعنى ما لم يكن كراً ، بل من الجائز أن يكون المراد منه ما لا يمكن الاغتسال بنحو الارتماس فيه. ولا سيما بملاحظة الاستدلال بآية نفي الحرج فان اقتضاءه لاعتصام ما دون الكر خفي ، بخلاف اقتضائه اعتصام مراتب الكر ، فان لزوم الحرج من عدم اعتصامها ظاهر ، كما لا يخفى مع أن ذكر الوضوء مع الغسل خلاف المذهب.
نعم خبر زرارة عن أبي جعفر (ع) : « قلت له : راوية من ماء سقطت فيها فأرة أو جرذ أو صعوة ميتة. قال (ع) : إذا تفسخ فيها فلا تشرب من مائها ولا تتوضأ وصبها ، وإذا كان غير متفسخ فاشرب منه وتوضأ واطرح الميتة إذا أخرجتها طرية. وكذلك الجرة وحب الماء والقربة وأشباه ذلك من أوعية الماء. وقال أبو جعفر (ع) : إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجسه شيء تفسخ فيه أو لم يتفسخ. إلا أن يجيء له ريح تغلب على ريح الماء » (٣) لا مجال للإشكال في دلالته على الاعتصام لكن التفصيل فيه بين التفسخ وعدمه مما لم يقل به أحد. وكذلك التفصيل بين الراوية وما زاد عليها. وحمل التفسخ على التغير يأباه ما في ذيله. كما أن حمل ما زاد على الراوية على الكر غريب ، لأنه خلاف المعهود من مقدار الراوية ، ولا يناسبه التعبير المذكور ، كما يظهر بأقل تأمل.
ومثله في الدلالة خبر أبي مريم الأنصاري : « كنت مع أبي عبد الله (ع) في حائط له فحضرت الصلاة فنزح دلواً للوضوء من ركي له فخرجت عليه قطعة عذرة يابسة فأكفأ رأسه وتوضأ بالباقي » (٤) بناء على أن المراد
__________________
(١) الحج : ٧٨.
(٢) الوسائل باب : ٨ من أبواب الماء المطلق حديث : ٥.
(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب الماء المطلق حديث : ٨ ـ ٩.
(٤) الوسائل باب : ٨ من أبواب الماء المطلق حديث : ١٢.