______________________________________________________
بالعذرة عذرة الإنسان ، كما هو الظاهر. لكن قال شيخنا الأعظم [ ره ] : « إن أحداً لا يرضى أن يتوضأ الإمام (ع) من هذا. بل لا يرضى أحد أن يستعمل الامام (ع) هذا الماء في مطلق الانتفاع فضلا عن الوضوء. بل قد ورد الأمر بالإراقة لمثله في جملة من النصوص (١) ، فلا بد من توجيه الرواية قلنا بالنجاسة أو الطهارة. فلا يبعد إذاً حمل العذرة فيه على الروث الطاهر ، أو الحمل على خطأ الراوي في اعتقاده أنها عذرة. وليس ذلك بأبعد من حمل الفعل على إرادة بيان الجواز على تقدير القول بالطهارة.
ومثلهما في الدلالة خبر علي بن جعفر (ع) : « عن جنب أصابت يده جنابة فمسحها بخرقة ، ثمَّ أدخل يده في غسله هل يجزؤه أن يغتسل من ذلك الماء؟ قال (ع) : إن وجد ماء غيره فلا يجزؤه أن يغتسل ، وان لم يجد غيره أجزأه » (٢). لكن التفصيل المذكور فيه مما لم يقل به أحد. مع أن مورده المتنجس.
ولو أغمض النظر عن هذه المناقشات في الروايات المذكورة لم يجز الاعتماد عليها ـ بعد إعراض جماهير الأصحاب عنها ، وصيرورة الحكم بالانفعال من الواضحات المتسالم عليها عند الإمامية ـ فضلا عن معارضتها لما عرفت ليلتزم بالجمع العرفي ، بحمل نصوص الانفعال على الكراهة ، أو اختلاف مراتب النجاسة والطهارة ، فإنه تأباه نصوص الانفعال باختلاف مواردها وأحكامها وألسنتها ، كما لعله ظاهر بالتأمل فيها. وليس ورود مثل هذه النصوص الا كورود غيرها في كثير من المسائل المعلوم حكمها نصا وفتوى مما علم وقوع الخطأ فيه ، إما في أصالة الجهة ، أو في أصالة صحة النقل ،
__________________
(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب الماء المطلق حديث : ٢ ، ٤ ، ٧ ، ١٠ ، ١١ ، ١٤ وباب : ١ من أبواب الأسئار حديث : ٤ ، ٥.
(٢) لم نعثر عليه في الوسائل ، راجع قرب الاسناد المطبوع في إيران سنة ١٣٧٠ ه صفحة : ٤٨.