______________________________________________________
والظاهر منها ـ ولو بقرينة مناسبة الحكم والموضوع ـ اعتبار العلم موضوعا على نحو الطريقية ، لا الصفة الخاصة ، لأن الحمل عليه في أمثال المقام يحتاج إلى عناية خال عنها الكلام ، بخلاف الحمل على الأول.
مع أن البناء على الصفتية يوجب الإشكال في كثير من الموارد التي استقرت السيرة فيها على الشهادة اعتماداً على أمارة أو قاعدة أو إقرار أو نحو ذلك ، مثل الشهادة بالنسب اعتماداً على قاعدة الفراش ، والشهادة بالزوجية وبالملك اعتماداً على قاعدة الصحة في عقد النكاح وعقد البيع ، وكذا الشهادة بالطلاق اعتماداً على قاعدة صحة الطلاق ، وبالحرية اعتمادا على قاعدة صحة العتق ، والشهادة بالدين اعتماداً على الإقرار ، أو قاعدة الصحة في عقد الضمان ، وكذا الحال في أمثال ذلك مما هو كثير لا يحصى.
ودعوى : أن الشهادة إنما هي بالسبب ، وهو معلوم ، والقاعدة إنما يجريها المشهود عنده. مندفعة : بأنها خلاف قوله (ع) : « إنما أقضي بينكم بالبينات والايمان » (١) ويشير الى ذلك الصحيح الآتي ، فإنه يدل على أن القاضي لا يستصحب ، وإنما الذي يعمل بالاستصحاب هو الشاهد والقاضي إنما يعمل بشهادته.
وبالجملة فالتأمل قاض : بأن سيرة المتشرعة على الشهادة اعتماداً على الأمارة أو القاعدة التي هي بمنزلتها ولو بالإضافة إلى حيثية الشهادة ـ مثل قاعدة الصحة ـ مما لا مجال لإنكارها. فلا بد من التصرف في الحديثين المذكورين ـ لو تمَّ ظهورهما في اعتبار العلم على نحو الصفتية ـ بحملهما على ما لا ينافي ذلك ، بأن يكون المراد منهما الردع عن الشهادة اعتمادا على الظن والحدس والتخمين.
ويشهد بذلك ما ورد من جواز الشهادة بالملك اعتمادا على اليد ، وهي
__________________
(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب كيفية الحكم من كتاب القضاء حديث : ١.