______________________________________________________
أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر وشهادته مقبولة وان كان في نفسه مذنباً » (١) ... الى غير ذلك. فإنه مع إمكان المناقشة في دلالة بعضها يتعين حملها ـ بعد تقييد بعضها ببعض ـ على كون حسن الظاهر طريقاً إلى العدالة شرعياً ، جمعاً بينها وبين ما تقدم. كما يشهد به أيضاً ما في رواية أحمد بن عامر الطائي قال رسول الله (ص) « من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروته وظهرت عدالته » (٢) ونحوها رواية ابن سنان (٣) ، فهذه النصوص واردة في مقام الإثبات لا في مقام الثبوت. فلاحظ وتأمل. والله سبحانه ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ثمَّ إن ملكة العدالة من الستر والعفاف والصلاح ونحوها مما ذكر في النصوص ذات مراتب متفاوتة جداً تفاوت سائر الملكات بالقوة والضعف ، يكفي في ثبوتها أدنى مراتبها ، ولا ينافي وجودها ارتكاب المعصية ولو كانت كبيرة لجواز غلبة المزاحم من قوتي الشهوة والغضب عليها ، كما لا ينافي وجود سائر الملكات ـ كملكتي الشجاعة والكرم ـ تخلف مقتضاها أحياناً ، ولذا قيل : « إن الجواد قد يكبو والسيف قد ينبو ». وليس المراد منها خصوص المرتبة العالية التي لا يتخلف مقتضاها ، ولا يغلبها المزاحم. فان ذلك خلاف إطلاق الأدلة ، ويستوجب ندرة وجودها جداً بل يمتنع إحراز وجود هذه المرتبة في أكثر الأعصار ، فيلزم منه تعطيل الاحكام واختلال النظام ، ولذا قال الصادق (ع) في رواية علقمة : « لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إلا شهادة الأنبياء والأوصياء (ع)
__________________
(١) الوسائل باب : ٤١ من أبواب كتاب الشهادات حديث : ١٣.
(٢) الوسائل باب : ٤١ من أبواب كتاب الشهادات حديث : ١٤.
(٣) الوسائل باب : ٤١ من أبواب كتاب الشهادات حديث : ١٥.