المسؤول عنه سن البقرة ، وإنما ظهر ذلك في الجواب (قالَ) موسى (ع) (إِنَّهُ يَقُولُ) أي أن اسمه (يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ) أي ليست بكبيرة هرمة ، ولا صغيرة (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) أي هي وسط بين الصغيرة والكبيرة (فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ) أي اذبحوا ما أمرتم بذبحه ، فلما بين سبحانه سن البقرة سألوا عن لونها (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها) أي سل ربك يبين لنا ما لون البقرة التي أمرنا بذبحها (قالَ) موسى (إِنَّهُ) سبحانه وتعالى (يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ) حتى قرنها وظلفها اصفران (فاقِعٌ لَوْنُها) أي شديدة صفرة لونها وقوله : (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) أي تعجب الناظرين وتفرحهم بحسنها. ولما بين سبحانه سن البقرة ولونها سألوا عن صفتها (قالُوا) يا موسى (ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) أي أمن العوامل أم من السوائم (إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا) أي إشتبه علينا صفة البقرة التي أمرنا الله بذبحها (وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ) إلى صفة البقرة بتعريف الله إيانا ، وبما يشاؤه لنا من اللطف والزيادة البيان (قالَ) يعني موسى (ع) (إِنَّهُ) يعني الله تعالى (يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ) أي البقرة التي أمرتم بذبحها (لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ) أي لم يذللها العمل بإثارة الأرض بأظلافها (وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) أي لا يستقى عليها الماء فتسقي الزرع (مُسَلَّمَةٌ) أي بريئة من العيوب (لا شِيَةَ فِيها) لا وضح فيها يخالف لون جلدها (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ) أي ظهر لنا الحق الآن ، وهي بقرة فلان وهذا يدل على أنه كان فيهم من يشك في أن موسى (ع) ما بيّن الحق (فَذَبَحُوها) يعني ذبحوا البقرة على ما أمروا به (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) أي قرب أن لا يفعلوا ذلك مخافة إشتهار فضيحة القاتل.
٧٢ ـ ٧٤ ـ (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً) المراد واذكروا إذ قتلتم نفسا ، وهذا خطاب لمن كان على عهد النبي (ص) والمراد به أسلافهم على عادة العرب في خطاب الأبناء والأحفاد بخطاب الأسلاف والأجداد ، وخطاب العشيرة بما يكون من أحدها فقالت : فعلت بنو تميم كذا وإن كان الفاعل واحدا (فَادَّارَأْتُمْ فِيها) الهاء من فيها يعود إلى النفس ، أي كل واحد دفع قتل النفس عن نفسه (وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) أي مظهر ما كنتم تسرون من القتل (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها) أي قلنا لهم اضربوا القتيل ببعض البقرة فقام حيا وقال : قتلني فلان ثم عا ميتا ، ليزول الخلف والتدارؤبين القوم (كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) أي إعلموا بما عاينتموه أن الله تعالى قادر على إحياء الموتى للجزاء (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ) يعني المعجزات الباهرة الخارقة للعادة من إحياء ذلك الميت وغيره (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي لكي تستعملوا عقولكم فإن من لم يستعمل عقله ، ولم يبصر رشده فهو كمن لا عقل له (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ) أي غلظت ويبست وعتت وقست (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) أي من بعد آيات الله كلها التي أظهرها على يد موسى (ع) وقوله : (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ) شبه قلوبهم بالحجارة في الصلابة واليبس والغلظ والشدة (أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) أي أشد صلابة لامتناعهم عن الإقرار اللازم بقيام حجته ، والعمل بالواجب من طاعته ، بعد مشاهدة الآيات ، ثم فضّل سبحانه الحجارة على القلب القاسي فقال : (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ) معناه : إن من الحجارة ما هو أنفع من قلوبكم القاسية فيتفجر منه أنهار الماء (وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ) يعني ومن الحجارة ما يخرج منه الماء فيكون عينا نابعة لا أنهارا جارية (وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) أي ومن الحجارة ما يهبط من خشية الله (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) أيها المذبون بآياته ، الجاحدون نبوة نبيه محمد (ص).
٧٥ ـ هذا خطاب لأمة نبينا محمد (ص) يقول (أَفَتَطْمَعُونَ) أيها المؤمنون (أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) من طريق