لمّا بدت تلك الحمول وأشرقت |
|
تلك الشموس على ربى جيرون |
نعق الغراب فقلت : نح أو لا تنح |
|
فلقد قضيت من النبيّ ديوني (١) |
فروى الكلبي عن الغاز بن ربيعة الحميري الجرشيّ أنّه كان عند يزيد بدمشق إذ دخل عليه زحر بن قيس الجعفي الكندي ، فقال له يزيد : ويلك ما وراءك؟ وما عندك؟ فقال له : أبشر يا أمير المؤمنين! بفتح الله ونصره! ورد علينا الحسين بن عليّ في ثمانية عشر من أهل بيته وستين من «شيعته» فسرنا إليهم فسألناهم أن يستسلموا وينزلوا على حكم الأمير عبيد الله بن زياد ، أو القتال! فاختاروا القتال على الاستسلام! فعدونا عليهم مع شروق الشمس فأحطنا بهم من كلّ ناحية ، حتّى إذا أخذت السيوف مأخذها من هام القوم حتّى أتينا على آخرهم ، فهاتيك أجسادهم مجرّدة! وثيابهم مرمّلة! وخدودهم معفّرة! تصهرهم الشمس ، وتسفى عليهم الريح ، زوّارهم العقبان والرّخم بقيّ سبسب (٢).
ووضع الرأس بين يدي يزيد في طست فجعل ينكت على ثناياه بقضيبه! وتمثّل بقول عبد الله بن الزّبعري :
ليت أشياخي ببدر ، شهدوا |
|
جزع الخزرج من وقع الأسل |
قد قتلنا القرم من أشياخهم |
|
وعدلناه ببدر فاعتدل (٣)! |
وقال سبط ابن الجوزي : والمشهور عن يزيد في جميع الروايات : أنّه لمّا احضر الرأس بين يديه كان قد جمع جمعا من أهل الشام ، وجعل ينكته بالخيزرانة
__________________
(١) تذكرة الخواص ٢ : ١٩٦ بتحقيق تقي زاده.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٤٦٠ عن الكلبي ، والقيّ : القفر ، والسبسب : القاحلة الجرداء ، وفي الإرشاد ٢ : ١١٩.
(٣) مقاتل الطالبيين : ٨٠.