أن يضع لهم سوقا ، وأمر للمسيّب بفرس وألف درهم! فقال المسيّب : أما الفرس فإنّي أقبله لعلّي احتاج إليه إن ضلع فرسي أو غمز تحتي ، وأمّا المال فو الله ماله خرجنا ولا إياه طلبنا!
وأمر زفر ابنه أن يسأل عن وجوه أهل العسكر ، فسمّى له بعد سليمان والمسيّب ـ : عبد الله بن سعد بن نفيل ، وعبد الله بن وال ، ورفاعة بن شدّاد ، وسمّى له أمراء أرباع الكوفة ، فبعث إلى المسيّب بعشرين جزورا وإلى سليمان مثل ذلك وإلى كلّ واحد من الرؤساء الثلاثة بعشر جزائر وطعام وعلف كثير ، وأخرج للعسكر عيرا عظيمة وشعيرا كثيرا مع غلمانه ، وقال غلمانه : هذه عير فاجتزروا منها ما أحببتم ، وهذا شعير فاحتملوا منه ما أردتم ، وهذا دقيق فتزوّدوا منه ما أطقتم!
واخرجت لهم الأسواق والأعلاف والطعام ، فتسوّقوا ، ولكنهم لم يحتاجوا إلى شراء شيء من هذه الأسواق التي وضعت لهم ، وقد كفوهم اللحم والدقيق والشعير ، إلّا أن يشتري الرجل سوطا أو ثوبا ، وظلّ القوم مخصبين ذلك اليوم لم يحتاجوا إلى شيء.
وفي غداة غد لمّا أرادوا الرحيل خرج إليهم زفر ليشايعهم فساير سليمان وأخبره خبر خروج جيش الشام من الرّقة إليهم وقال : وايم الله لقلّ ما رأيت رجالا هم أحسن هيئة ولا عدّة ، ولا أحرى بكلّ خير من الرجال معك! ولكنّه قد بلغني أنّه قد أقبلت إليكم عدّة لا تحصى كثرة!
فأجابه سليمان : على الله توكّلنا وعليه فليتوكّل المتوكّلون. فقال زفر : فإن شئتم فتحنا لكم مدينتنا فتدخلوها فيكون أمرنا واحدا وأيدينا واحدة. وإن شئتم نزلتم هنا على باب مدينتنا ونخرج فنعسكر إلى جانبكم ، فإذا جاء العدو قاتلناهم جميعا؟