ولما قتل المسيّب أخذ الراية عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي ثمّ قال : أخويّ (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)(١) وأقبل معه الأزديون فالتفّوا حول رايته!
وخرج المثنى بن مخربة العبدي البصري من البصرة بثلاثمئة رجل وبلغ خروجه إلى سعد بن حذيفة بن اليمان بالمدائن ، فخرج سعد من المدائن بمئة وسبعين رجلا قبل أن يصلها العبدي البصري بخمس ليال ، وقدّم منهم ثلاثة على آثار الكوفيين ليبشروهم بخروجهم إليهم وبخبروهم بمجيء أهل البصرة إليهم أيضا. فانتهوا إليهم وأخبروهم! ثمّ قاتلوا معهم حتّى قتلوا ونجى أحدهم.
وحمل عليهم ربيعة الغنوي في ميسرتهم على التوّابين حملة منكرة فاقتلوا قتالا شديدا ، حتّى اختلف هو وعبد الله بن سعد بضربتين ، ثمّ اعتنق كلّ صاحبه فوقعا إلى الأرض واضطربا ، وطعن ابن أخي ربيعة على عبد الله بن سعد بطعنة في نحره فقتله رحمهالله. وحاول خالد بن سعيد أخو عبد الله بن سعيد أن يقتل قاتل أخيه فقتل رحمهالله. وبقيت راية عبد الله بن سعد لا أحد لها ، فأمسكها عبد الله بن خازم الكثيري ثمّ أخذها منه عبد الله بن وال التيمي ، وذلك عند العصر.
ثمّ نادى عبد الله بن وال : من أراد الحياة التي ليس بعدها موت ، والراحة التي ليس بعدها نصب ، والسرور الذي ليس بعده حزن ، فليتقرّب إلى ربّه بجهاد هؤلاء المحلّين ، فالرواح إلى الجنة. ثمّ شدّ عليهم فشدّوا معه فكشفوهم ، ثمّ تعطّف اولئك عليهم من كلّ جانب ، وشدّ عليهم أدهم الباهلي في خيله ورجاله فقتل عبد الله بن وال التيمي رحمهالله (٢).
__________________
(١) الأحزاب : ٢٣.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٥٩٨ ـ ٦٠٢ عن أبي مخنف.