شدّه كتافا ومشّه حافيا! فقال الخطميّ : سبحان الله! ما كنت لأفعل هذا برجل لم يظهر لنا حربا ولا عداوة ، وإنّما أخذناه على الظنّ ، فما كنت لاحفّيه ولا لامشّيه! فأتي ببغلة دهماء ليركبها ، فقال إبراهيم لعبد الله الخطمي : ألا تشدّ عليه القيود؟ فقال : كفى له بالسجن قيدا (١).
هذا ، وقد مرّ الخبر عن حميد بن مسلم الأزدي : أنّه سمع نفرا من أصحاب المختار يقولون : قد كملنا ألفي رجل (٢) وذلك قبل خروج التوّابين من الكوفة. وعاد رفاعة بن شدّاد البجلي بفلول التوّابين إلى الكوفة وإذا بالمختار محبوس (٣).
ونقل أبو مخنف قولا آخر عن أبي زهير العبسي : أنّ المختار لم يحبس قبل وصول فلول التوّابين مع ابن شداد البجلي من عين الوردة ، فكتب إليه يقول : أمّا بعد ، فمرحبا بالعصب الذين أعظم الله لهم الأجر حين انصرفوا ، ورضى انصرافهم حين قفلوا. أما وربّ البنيّة التي بنى ؛ ما خطا خاط منكم خطوة ، ولا ربا ربوة إلّا كان ثواب الله له أعظم من ملك الدنيا. إنّ سليمان قد قضى ما عليه وتوفّاه الله ، فجعل روحه مع أرواح الأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين ، ولم يكن بصاحبكم الذي به تنصرون!
إنّي أنا الأمير المأمور! والأمين المأمون! وأمير الجيش وقاتل الجبّارين ، والمنتقم من أعداء الدين ، والمقيد من الأوتار! فأعدّوا واستعدّوا ، وأبشروا واستبشروا. أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله ، وإلى الطلب بدماء «أهل البيت» والدفع عن الضعفاء ، وجهاد المحلّين ، والسلام.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٥٨٠ ـ ٥٨١ عن أبي مخنف.
(٢) المصدر المتقدم : ٥٨٤ عن أبي مخنف.
(٣) المصدر المتقدّم ٥ : ٦٠٥ عن أبي مخنف.