وكان من أشراف أنصار المختار عبد الله بن شدّاد الجشمي ومعه ابنه شدّاد ، وطلب عبد الرحمان من مصعب أن يدفع إليه ابن شدّاد ، فأمر له به ، فجاء وأخذه فضرب عنقه ، وترك ابنه.
وجاءوا إلى مصعب ببجير بن عبد الله المسلمي ومعه منهم ناس كثير ، فقال المسلمي : الحمد لله الذي ابتلانا بالإسار وابتلاك بأن تعفو عنا ... ومن عفا عفا الله عنه وزاده عزّا ومن عاقب لم يأمن القصاص! يابن الزبير! نحن أهل قبلتكم وعلى ملّتكم ، ولسنا تركا ولا ديلما ... وقد ملكتم فاسجحوا وقد قدرتم فاعفوا ... فما زال بهذا القول ونحوه حتّى رقّ لهم الناس ورقّ لهم مصعب وأراد أن يخلّي سبيلهم.
فقام عبد الرحمان بن محمّد بن الأشعث وقال لمصعب : يابن الزبير اخترنا أو اخترهم!
وقام محمّد بن عبد الرحمان الهمداني وقال له : قتل أبي وخمسمئة من أشراف أهل المصر وعشيرة همدان ثمّ تخلّى سبيلهم؟! اخترنا أو اخترهم!
وقام كلّ قوم اصيب منهم رجل فقالوا نحوا من هذا القول ، فلمّا رأى مصعب ذلك أمر بقتلهم.
وكان فيهم مسافر بن سعيد بن نمران فقال لمصعب : يابن الزبير! ما تقول لله إذا قدمت عليه وقد قتلت امّة من المسلمين ـ صبرا ـ حكّموك في دمائهم! فكان الحقّ أن لا تقتل نفسا بغير نفس. وفينا رجال كثير لم يشهدوا من حربنا وحربكم يوما واحدا وإنّما كانوا في الجبال والسواد يجبون الخراج ويؤمّنون السبيل! فإن كنا قتلنا عدّة رجال منكم فاقتلوا عدّة من قتلنا منكم وخلوا سبيل بقيّتنا! فلم يتكلّم.