وكان ابن الزبير قد منع الحجّاج وجمعه أن يطوفوا بالبيت معتمرين ، وجاء الحجّ فوقف الحجّاج بالناس بعرفة محرما في درع ومغفر! كما لم يخرج ابن الزبير إلى عرفة بسبب الحجّاج حتّى أنّه نحر بمكّة. واستمر حصاره وحربه (سبعه أشهر إلى شهر جمادى الآخرة) (١).
وكان أخوه عروة بن الزبير مع عبد الملك فخرج إليه ، وكان عبد الملك قد كتب إلى الحجّاج يأمره بتعاهد عروة وأن لا يسوؤه في نفسه وماله! وكان مع الحجّاج عمرو بن عثمان بن عفّان وخالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد فدعاهم الحجّاج وعرض عليهم أمان عبد الملك لابن الزبير على ما أحدث ومن معه ، وأن ينزل أيّ بلاد شاء. فرجع عروة إلى أخيه وقال له : هذا عمرو بن عثمان وخالد بن عبد الله يعطيانك أمان عبد الملك على ما أحدثت ومن معك ، وأن تنزل أيّ بلاد شئت ، لك بذلك عهد الله وميثاقه! فأبت أمّه أسماء بنت أبي بكر وكان لها مئة سنة فهي عمياء ، وقالت له : أي بني إيّاك أن تعطي بيدك أو تؤسر! مت كريما ولا تقبل خطّة تخاف على نفسك منها مخافة القتل. فأبى ابن الزبير (٢).
وقال ابن قتيبة : جمع القرشيين وقال لهم : ما ترون؟ فقال رجل من بني مخزوم : والله لقد قاتلنا معك حتّى ما نجد مقاتلا ... وإنمّا هي إحدى خصلتين : إمّا أن تأذن لنا فنخرج ، وإمّا أن تأذن لنا فنأخذ الأمان لك ولأنفسنا. وقال رجل آخر : اكتب إلى عبد الملك ، فقال عبد الله : أفأكتب إليه : من عبد الله أمير المؤمنين! فو الله لا يقبل منّي هذا أبدا! أم أكتب إليه : لعبد الملك أمير المؤمنين من عبد الله بن الزبير! فو الله لئن تقع الخضراء على الغبراء أحبّ إليّ من ذلك!
__________________
(١) تاريخ ابن الوردي ١ : ١٦٩.
(٢) مروج الذهب ٣ : ١١٣.