إنّ أميرالمؤمنين! نثر كنانته فوجدني أمّرها طعماً وأحدّها سناناً وأقواها قداحاً ، فإن تستقيموا تستقيم لكم الامور ، وإن تأخذوا لي بُنيّات الطريق تجدوني لكلّ مرصد مُرصداً ، والله لا اُقيل لكم عثرة ، ولا أقبل منكم عذرة.
يا أهل العراق ، يا أهل الشقاق والنفاق ، ومساوئ الأخلاق ، والله ما أُغمز كتغماز التّين ولا يُقعقع لي بالشنان ، ولقد فررت عن ذكاء وفُتّشت عن تجربة! والله لألحونّكم لحو العود ، ولأعصبنّكم عصب السلمة ، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل ولأقرعنّكم قرع المروة!
يا أهل العراق! طالما سعيتم في الضلالة ، وسلكتم سبيل الغواية ، وسننتم سنن السوء ، وتماديتم في الجهالة! يا عبيد العصا وأولاد الإماء! أنا الحجّاج بن يوسف ، إنّي والله لا أعد إلّا وفيت ، ولا أخلق إلّا فريت! فإياكم وهذه الزرافات والجماعات وقال وقيل وما يكون وما هو كائن؟! وما أنتم وذاك يا بني اللكيعة؟! لينظر الرجل في أمر نفسه ، وليحذر أن يكون من فرائسي!
يا أهل العراق أنتم كما قال الله عزّ وجلّ : كمثل (قريةً كانت آمنة مظمئنةً يأتيها رزقها رغداً من كلّ مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) (١) فأسرعوا واستقيموا ، واعتدلوا ولا تميلوا ، وبايعوا وشايعوا واخضعوا ، واعلموا أنّه ليس منّي الإكثار والإهذار! ولا منكم الفرار والنفار! إنّما هو انتضاء السيف ثمّ لا أغمده في شتاء ولا صيف! حتّى يقيم الله لأميرالمؤمنين! أودكم ويذلّ له صعبكم.
إني نظرت فوجدت الصدق مع البرّ والبرّ في الجنّة! ووجدت مع الفجور والفجور في النار.
__________________
(١) النحل : ١١٢. وهو يعني عهد عثمان.