فاطمة بنت عبد الملك (١) فولّاه المدينة بمكان هشام بن إسماعيل المخزومي ، وأمره أن يوقف هشاما لاقتصاص الناس أو مقاضاتهم ؛ لأنه كان قد جار في أحكامه وأساء السيرة. وأن يضرب البعث للفتوح على أهلها. وأن يهدم حجرات أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآله وقد مات كلّهن ، وكذا المنازل حوله فيدخلها في المسجد ويبنيه من جديد.
فحمل عمر ثقله على ثلاثين بعيرا إلى المدينة فدخلها مع دخول سنة (٨٧ ه) ، فبدأ بإيقاف هشام المخزومي ، وكان قد تحامل على آل رسول الله صلىاللهعليهوآله فكان يقول : ما أخاف إلّا علّي بن الحسين عليهالسلام فمرّ به وهو موقوف فسلّم عليه! فناداه هشام : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(٢) فاقتدى به سعيد بن المسيّب فلم يعرض له ولا لأحد من أسبابه وحاميته.
وضرب البعث للغزو والفتوح على حاملي السلاح من أهل المدينة فأخرج منهم إلى الشام ألفي رجل.
وصالح الوليد ملك الروم (؟) وكتب إليه يعلمه أنّه قد هدم مسجد رسول الله فليعنه فيه. فبعث إليه بمئة ألف مثقال ذهبا وأربعين حملا فسيفساء! فبعث الوليد بذلك كله إلى عمرو بن عبد العزيز.
ولمّا بدأ بهدم الحجرات (وفيها حجرة عائشة) قام خبيب بن عبد الله بن الزبير (حفيد أختها أسماء) فقال : نشدتك الله يا عمر أن تذهب بآية من كتاب الله يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ)(٣). فأمر عمر به فضرب مئة سوط ثمّ نضح عليه بالماء البارد ، وكان الفصل باردا ، فمات!
__________________
(١) الإمامة والسياسة ٢ : ٥٧ ـ ٥٨.
(٢) الأنعام : ١٢٤.
(٣) الحجرات : ٤.