شيء منه؟ قال : لا احب ما لا يحب الله! قال : ويلك! قال : الويل لمن زحزح عن الجنة وادخل النار! قال : فاقتلوه!
فقال له : يا حجّاج! فإنّي اشهدك أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأن محمّدا عبده ورسوله ، أستحفظكهنّ حتّى ألقاك يا حجّاج. فأخذوه فلمّا أدبر سمع يضحك فقال الحجّاج : ما يضحكك يا سعيد؟ قال : عجبت من جرأتك على الله وحلم الله عليك! قال الحجّاج : إنّما أقتل من شقّ عصا الجماعة ومال إلى الفرقة التي نهى الله عنها. اضربوا عنقه.
فقال سعيد : حتّى اصلي ركعتين فلمّا استقبل القبلة قال الحجّاج : اصرفوه عن القبلة إلى قبلة النصارى الذين تفرّقوا واختلفوا بغيا بينهم فإنّه من حزبهم! فصرفوه عن القبلة فتلا : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ)(١) الكافي بالسرائر. فقال الحجّاج : لم نوكل بالسرائر وإنما وكلنا بالظواهر. قال سعيد : اللهمّ لا تترك له ظلمي واطلبه بدمي واجعلني آخر قتيل يقتله من امّة محمّد! فقال الحجّاج : لا أخاف إلّا دعاء من هو في ذمّة الجماعة من المظلومين ، فأمّا أمثال هؤلاء فإنّهم ظالمون حين خرجوا عن جمهور المسلمين! فقتلوه. فقيل : لم يفرغ من قتله حتى خولط في عقله فجعل يصيح : قيودنا قيودنا (٢)!
ولمّا ضربت عنق سعيد سقط رأسه يتدحرج على الأرض ويسمع منه : لا إله إلّا الله ، ولم يزل كذلك حتّى أمر الحجّاج بعض رجاله أن يضع رجله على فيه! ففعل فسكت.
وروى في محاجّة الحجّاج إيّاه قال له : قدمت الكوفة فجعلتك إماما! وليس يؤمّ بها إلّا عربي! ثمّ إنّي ولّيتك القضاء فضجّ أهل الكوفة وقالوا : لا يصلح
__________________
(١) البقرة : ١١٥.
(٢) الإمامة والسياسة ٢ : ٥١ ـ ٥٤.